للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به. وقال النسائي «١» : أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ، حدثنا مخلد وهو ابْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي جَعَلْتُ امْرَأَتِي عَلَيَّ حراما، قال: كذبت ليست عَلَيْكَ بِحَرَامٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ عَلَيْكَ أَغْلَظُ الْكَفَّارَاتِ عِتْقُ رَقَبَةٍ، تَفَرَّدَ بِهِ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ

قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم سريته ومن هاهنا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَرَّمَ جَارِيَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ مَلْبَسًا أَوْ شَيْئًا مِنَ الْمُبَاحَاتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَطَائِفَةٍ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِيمَا عَدَا الزَّوْجَةَ وَالْجَارِيَةَ إِذَا حَرَّمَ عَيْنَيْهِمَا أَوْ أَطْلَقَ التَّحْرِيمَ فِيهِمَا فِي قَوْلِهِ، فَأَمَّا إِنْ نَوَى بِالتَّحْرِيمِ طَلَاقَ الزَّوْجَةِ أَوْ عِتْقَ الْأَمَةِ نَفَذَ فِيهِمَا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الظَّهْرَانِيُّ أنبأنا حفص بن عمر العدني أنبأنا الحكم بن أبان أنبأنا عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي تَحْرِيمِهِ الْعَسَلَ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ «٢» عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن موسى أنبأنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَتَوَاطَأْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَلَى أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، قَالَ: «لَا وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَلَنْ أَعُودَ لَهُ وَقَدْ حَلَفْتُ لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أحدا» تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ هكذا أورد هذا الحديث هاهنا بِهَذَا اللَّفْظِ.

وَقَالَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ «٣» : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَيَشْرَبُ عندها عسلا، فتواطأت أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فلتقل له إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ» فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ- إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى- إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً لِقَوْلِهِ: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا» وقال


(١) كتاب الطلاق باب ١٦.
(٢) كتاب التفسير، تفسير سورة ٦٦، باب ١.
(٣) كتاب الأيمان والنذور، باب ٢٥. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>