للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ «١» .

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها مَنْ جَاءَ بلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ يَقُولُ بالشرك «٢» ، وهكذا جاء عن جماعة من السلف رضي الله عنهم أجمعين، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ اللَّهُ أَعْلَمُ بصحته، لكني لم أروه مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ، وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا وَفِيمَا ذُكِرَ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ الله وبه الثقة.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٦١ الى ١٦٣]

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)

يقول تَعَالَى آمِرًا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد المرسلين أن يخبر بما أنعم بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْهِدَايَةِ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ وَلَا انْحِرَافَ دِيناً قِيَماً أَيْ قَائِمًا ثَابِتًا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَقَوْلِهِ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ [الْبَقَرَةِ: ١٣٠] وَقَوْلُهُ وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ [الْحَجِّ: ٧٨] وَقَوْلُهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النَّحْلِ: ١٢٠- ١٢٣] وَلَيْسَ يَلْزَمُ من كونه صلّى الله عليه وسلّم أُمِرَ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيَّةِ، أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَكْمَلَ مِنْهُ فِيهَا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَامَ بِهَا قِيَامًا عَظِيمًا وَأُكْمِلَتْ لَهُ إِكْمَالًا تَامًّا لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ إِلَى هَذَا الْكَمَالِ، وَلِهَذَا كَانَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ وَسَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ على الإطلاق، وصاحب المقام المحمود الذي يرغب إليه الخلق حتى الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، سَمِعْتُ ذَرَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا أَصْبَحَ قَالَ «أَصْبَحْنَا عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ وَدِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٣» : حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم أي الأديان أحب إلى الله تعالى؟ قال «الحنيفية السمحة» .


(١) سنن الترمذي (صوم باب ٤٠) .
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٤١٦.
(٣) مسند أحمد ١/ ٢٣٦. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>