للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الناس، فسموا الأسباط (١).

وقال الخليل بن أحمد وغيره: الأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في بني إسماعيل، وقال الزمخشري في الكشاف: الأسباط قبائل بني إسرائيل، وهذا يقتضي أن المراد بالأسباط هاهنا شعوب بني إسرائيل، وما أنزل الله من الوحي على الأنبياء الموجودين منهم، كما قال موسى لهم ﴿اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً﴾ [المائدة: ٢٠]، وقال تعالى:

﴿وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً﴾ [الأعراف: ١٠٦] قال القرطبي (٢): وسموا الأسباط من السبط، وهو التتابع، فهم جماعة، وقيل أصله من السبط، بالتحريك، وهو الشجر، أي في الكثرة بمنزلة الشجر، الواحدة سبطة. قال الزجاج: ويبين لك أصله ما حدثنا محمد بن جعفر الأنباري، حدثنا أبو نجيد الدقاق، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا إسرائيل عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة: نوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام، قال القرطبي: والسبط الجماعة والقبيلة الراجعون إلى أصل واحد.

وقال قتادة: أمر الله المؤمنين أن يؤمنوا به ويصدقوا بكتبه كلها وبرسله. وقال سليمان بن حبيب: إنما أمرنا أن نؤمن بالتوراة والإنجيل، ولا نعمل بما فيهما. وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا محمد بن محمد بن مصعب الصوري، أخبرنا مؤمل، أخبرنا عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح، عن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله «آمنوا بالتوراة والزبور والإنجيل وليسعكم القرآن».

[[سورة البقرة (٢): الآيات ١٣٧ إلى ١٣٨]]

﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اِهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧) صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨)

يقول تعالى: فإن آمنوا، يعني الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، بمثل ما آمنتم به يا أيها المؤمنون من الإيمان بجميع كتب الله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم ﴿فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ أي فقد أصابوا الحق وأرشدوا إليه ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أي عن الحق إلى الباطل بعد قيام الحجة عليهم ﴿فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ﴾، أي فسينصرك عليهم ويظفرك بهم ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.

قال ابن أبي حاتم: قرأ عليّ يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا زياد بن يونس، حدثنا نافع بن أبي نعيم، قال: أرسل إلى بعض الخلفاء مصحف عثمان بن عفان ليصلحه، قال زياد: فقلت له: إن الناس ليقولون إن مصحفه كان في حجره حين قتل فوقع الدم على ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ فقال نافع: بصرت عيني بالدم على هذه الآية، وقد قدم.


(١) تفسير الطبري ١/ ٦١٩.
(٢) تفسير القرطبي ٢/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>