وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا في هذا فقال: حدثنا محمد بن يعمر ومحمد بن عثمان بن كرامة قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ في قول الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ﴾ قال: «يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ويمد له في جسمه ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤة يتلألأ فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون اللهم آتنا بهذا وبارك لنا في هذا فيأتيهم فيقول لهم أبشروا فإن لكل رجل منكم مثل هذا، وأما الكافر فيسود وجهه ويمد له جسمه ويراه أصحابه فيقولون أعوذ بالله من هذا أو من شر هذا اللهم لا تأتنا به فيأتيهم فيقولون اللهم آخره فيقول أبعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا» ثم قال البزار لا يروى إلا من هذا الوجه.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى﴾ الآية، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد ﴿وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ﴾ أي في الحياة الدنيا ﴿أَعْمى﴾ أي عن حجة الله وآياته وبيناته ﴿فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى﴾ أي كذلك يكون ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾ أي وأضل منه كما كان في الدنيا عياذا بالله من ذلك.
يخبر تعالى عن تأييده رسوله صلوات الله عليه وسلامه، وتثبيته وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه بل هو وليه وحافظه وناصره مؤيده ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه في مشارق الأرض ومغاربها، ﷺ تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
قيل: نزلت في اليهود إذ أشاروا على رسول الله ﷺ بسكنى الشام بلاد الأنبياء وترك سكنى المدينة، وهذا القول ضعيف، لأن هذه الآية مكية وسكنى المدينة بعد ذلك، وقيل: إنها نزلت بتبوك وفي صحته نظر. روى البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عن يونس بن بكير عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن اليهود أتوا رسول الله ﷺ يوما فقالوا: يا أبا القاسم إن كنت صادقا أنك نبي فالحق بالشام، فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء، فصدق ما قالوا فغزا تبوك لا يريد