للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى. وقوله: ﴿كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ﴾ أي كما أريناه برهانا صرفه عما كان فيه، كذلك نقيه السوء والفحشاء في جميع أموره: ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ أي من المجتبين المطهرين المختارين المصطفين الأخيار، صلوات الله وسلامه عليه.

[[سورة يوسف (١٢): الآيات ٢٥ إلى ٢٩]]

﴿وَاِسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٥) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصّادِقِينَ (٢٧) فَلَمّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاِسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (٢٩)

يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يستبقان إلى الباب: يوسف هارب، والمرأة تطلبه ليرجع إلى البيت، فلحقته في أثناء ذلك فأمسكت بقميصه من ورائه، فقدّته قدا فظيعا، يقال:

إنه سقط عنه واستمر يوسف هاربا ذاهبا، وهي في أثره، فألفيا سيدها وهو زوجها عند الباب، فعند ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها وكيدها، وقالت لزوجها متنصلة وقاذفة يوسف بدائها ﴿ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً﴾ أي فاحشة ﴿إِلاّ أَنْ يُسْجَنَ﴾ أي يحبس، ﴿أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ أي يضرب ضربا شديدا موجعا. فعند ذلك انتصر يوسف بالحق، وتبرأ مما رمته به من الخيانة، و ﴿قالَ﴾ بارا صادقا ﴿هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ وذكر أنها اتبعته تجذبه إليها حتى قدت قميصه.

﴿وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ﴾ أي من قدامه ﴿فَصَدَقَتْ﴾ أي في قولها إنه راودها عن نفسها، لأنه يكون لما دعاها وأبت عليه دفعته في صدره، فقدّت قميصه فيصح ما قالت ﴿وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ وذلك يكون كما وقع لما هرب منها وتطلبته، أمسكت بقميصه من ورائه لترده إليها فقدت قميصه من ورائه، وقد اختلفوا في هذا الشاهد: هل هو صغير أو كبير؟ على قولين لعلماء السلف، فقال عبد الرزاق، أخبرنا إسرائيل عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس ﴿وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها﴾ قال ذو لحية، وقال الثوري، عن جابر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: كان من خاصة الملك، وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم: إنه كان رجلا. وقال زيد بن أسلم والسدي: كان ابن عمها. وقال ابن عباس: كان من خاصة الملك. وقد ذكر ابن إسحاق أن زليخا كانت بنت أخت الملك الريان بن الوليد.

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها﴾ قال: كان صبيا في المهد، وكذا روي عن أبي هريرة وهلال بن يساف والحسن وسعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>