للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بولدها» (١).

[[سورة البقرة (٢): آية ١٤٤]]

﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ (١٤٤)

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله ، لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود فأمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله بضعة عشر شهرا، وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو إلى الله وينظر إلى السماء فأنزل الله ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ﴾ إلى قوله: ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ فارتابت من ذلك اليهود وقالوا: ﴿ما وَلاّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ [البقرة: ١٤٢] وقال: ﴿فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾ [البقرة: ١١٥] وقال الله تعالى: ﴿وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ﴾ [البقرة: ١٤٣].

وروى ابن مردويه من حديث القاسم العمري عن عمه عبيد الله بن عمر عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان النبي إذا سلم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء، فأنزل الله ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ إلى الكعبة إلى الميزاب يؤم به جبرائيل .

وروى الحاكم في مستدركه من حديث شعبة عن يعلى بن عطاء عن يحيى بن قمطة قال:

رأيت عبد الله بن عمرو جالسا في المسجد الحرام بإزاء الميزاب فتلى هذه الآية، ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها﴾ قال: نحو ميزاب الكعبة. ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن عرفة عن هشام عن يعلى بن عطاء به. وهكذا قال غيره وهو أحد قولي الشافعي : إن الغرض إصابة عين القبلة، والقول الآخر وعليه الأكثرون: أن المراد المواجهة، كما رواه الحاكم من حديث محمد بن إسحاق عن عمير بن زياد الكندي عن علي بن أبي طالب ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ قال شطره: قبله، ثم قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وهذا قول أبي العالية ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة والربيع بن أنس وغيرهم. وكما تقدم في الحديث الآخر «ما بين المشرق والمغرب قبلة».

وقال القرطبي (٢): روى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله


(١) صحيح مسلم (توبة حديث ٢٢)
(٢) تفسير القرطبي ٢/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>