يقول تعالى آمرا عباده بتقواه ومخبرا لهم بما يستقبلون من أهوال يوم القيامة وزلازلها وأحوالها، وقد اختلف المفسرون في زلزلة الساعة: هل هي بعد قيام الناس من قبورهم يوم نشورهم إلى عرصات القيامة، أو ذلك عبارة عن زلزلة الأرض قبل قيام الناس من أجداثهم؟ كما قال تعالى: ﴿إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها﴾ [الزلزلة: ١ - ٢] وقال تعالى: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ﴾ [الحاقة: ١٤ - ١٥] الآية، وقال تعالى: ﴿إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا﴾ [الواقعة: ٥٤ - ٥٦] الآية، فقال قائلون: هذه الزلزلة كائنة في آخر عمر الدنيا وأول أحوال الساعة.
وقال ابن جرير (١): حدثنا ابن بشار، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة في قوله: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ قال: قبل الساعة، ورواه ابن أبي حاتم من حديث الثوري عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن علقمة فذكره، قال: وروي عن الشعبي وإبراهيم وعبيد بن عمير نحو ذلك. وقال أبو كدينة عن عطاء بن عامر الشعبي ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ قال: هذا في الدنيا قبل يوم القيامة.
وقد أورد الإمام أبو جعفر بن جرير مستند من قال ذلك في حديث الصور من رواية إسماعيل بن رافع قاضي أهل المدينة عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر» قال أبو هريرة: يا رسول الله وما الصور؟ قال: قرن. قال: فكيف هو؟ قال: «قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات: الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى. فيقول: انفخ نفخة