للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكورون نصا في آيتين من القرآن في سورة الأحزاب ﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [الأحزاب: ٧] وفي الشورى قوله: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣] ولا خلاف أن محمدا أفضلهم، ثم بعده إبراهيم، ثم موسى ثم عيسى على المشهور، وقد بسطناه بدلائله في غير هذا الموضع، والله الموفق. وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً﴾ تنبيه على فضله وشرفه. قال البخاري: حدثنا إسحاق بن نصر، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة ، عن النبي قال: «خفف على داود القرآن، فكان يأمر بدابته فتسرج، فكان يقرؤه قبل أن يفرغ» (١) يعني القرآن.

[[سورة الإسراء (١٧): الآيات ٥٦ إلى ٥٧]]

﴿قُلِ اُدْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦) أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (٥٧)

يقول تعالى: ﴿قُلِ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله ﴿اُدْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ من الأصنام والأنداد فارغبوا إليهم فإنهم لا يملكون ﴿كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ﴾ أي بالكلية ﴿وَلا تَحْوِيلاً﴾ أي بأن يحولوه إلى غيركم، والمعنى أن الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمر. قال العوفي عن ابن عباس في قوله: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾ الآية، قال: كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا، وهم الذين يدعون يعني في الملائكة والمسيح وعزيرا (٢).

وقوله تعالى: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ الآية، روى البخاري (٣) من حديث سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله في قوله ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ قال: ناس من الجن كانوا يعبدون فأسلموا، وفي رواية: قال: كان ناس من الإنس يعبدون ناسا من الجن، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم، وقال قتادة عن معبد بن عبد الله الزماني عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود في قوله ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ الآية، قال: نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن، فأسلم الجنيون والإنس الذين كانوا يعبدونهم، لا يشعرون بإسلامهم، فنزلت هذه الآية، وفي رواية عن ابن مسعود كانوا يعبدون صنفا من الملائكة يقال لهم الجن فذكره.

وقال السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١٧، باب ٦.
(٢) انظر تفسير الطبري ٨/ ٩٤.
(٣) كتاب التفسير، تفسير سورة ١٧، باب ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>