للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الأنفال (٨): آية ٢٤]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)

قال البخاري (١): ﴿اِسْتَجِيبُوا﴾ أجيبوا ﴿لِما يُحْيِيكُمْ﴾ لما يصلحكم. حدثني إسحاق حدثنا روح حدثنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن قال: سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المعلى قال كنت أصلي فمر بي النبي فدعاني فلم آته حتى صليت ثم أتيته فقال «ما منعك أن تأتيني؟ ألم يقل الله ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ﴾ -ثم قال-لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج» فذهب رسول الله ليخرج فذكرت له. وقال معاذ: حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن سمع حفص بن عاصم سمع أبا سعيد رجلا من أصحاب النبي بهذا وقال ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ هي السبع المثاني.

هذا لفظه بحروفه وقد تقدم الكلام على هذا الحديث بذكر طرقه في أول تفسير الفاتحة.

وقال مجاهد في قوله ﴿لِما يُحْيِيكُمْ﴾ قال للحق (٢)، وقال قتادة ﴿لِما يُحْيِيكُمْ﴾ قال هو هذا القرآن فيه النجاة والبقاء والحياة وقال السدي ﴿لِما يُحْيِيكُمْ﴾ ففي الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر (٣)، وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ﴾ أي للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم (٤).

وقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾، قال ابن عباس يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان (٥)، رواه الحاكم في مستدركه موقوفا، وقال صحيح ولم يخرجاه، ورواه ابن مردويه من وجه آخر مرفوعا، ولا يصح لضعف إسناده والموقوف أصح، وكذا قال مجاهد وسعيد وعكرمة والضحاك وأبو صالح وعطية ومقاتل بن حيان والسدي، وفي رواية عن مجاهد في قوله ﴿يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ أي حتى يتركه لا يعقل (٦)، وقال السدي يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه (٧). وقال قتادة هو كقوله ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦] (٨) وقد وردت الأحاديث عن رسول الله بما


(١) كتاب التفسير، تفسير سورة ٨، باب ١.
(٢) انظر تفسير الطبري ٦/ ٢١١، ٢١٢.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٢١٢.
(٤) تفسير الطبري ٦/ ٢١٢.
(٥) تفسير الطبري ٦/ ٢١٣.
(٦) تفسير الطبري ٦/ ٢١٥.
(٧) تفسير الطبري ٦/ ٢١٥.
(٨) تفسير الطبري ٦/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>