للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله قالت: طار لهم في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين عثمان بن مظعون فاشتكى عثمان عندنا فمرضناه، حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله فقلت رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله ﷿ فقال رسول الله : «وما يدريك أن الله تعالى أكرمه» فقلت:

لا أدري بأبي أنت وأمي، فقال رسول الله «أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي».

قالت: فقلت والله لا أزكي أحدا بعده أبدا وأحزنني ذلك فنمت فرأيت لعثمان عينا تجري، فجئت إلى رسول الله فأخبرته بذلك، فقال رسول الله : «ذلك عمله» فقد انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم، وفي لفظ له «ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي» (١) وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ بدليل قولها فأحزنني ذلك، وفي هذا وأمثاله دلالة على أنه لا يقطع لمعين بالجنة إلا الذي نص الشارع على تعيينهم كالعشرة وابن سلام والغميصاء (٢) وبلال وسراقة، وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر، والقراء السبعين الذين قتلوا ببئر معونة، وزيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة وما أشبه هؤلاء ، وقوله ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ﴾ أي إنما أتبع ما ينزله الله علي من الوحي ﴿وَما أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أي بين النذارة وأمري ظاهر لكل ذي لب وعقل، والله أعلم.

[[سورة الأحقاف (٤٦): الآيات ١٠ إلى ١٤]]

﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاِسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (١٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤)

يقول تعالى: ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين الكافرين بالقرآن ﴿أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ﴾ هذا القرآن ﴿مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ﴾ أي ما ظنكم أن الله صانع بكم إن كان هذا الكتاب الذي جئتكم به قد أنزل علي لأبلغكموه، وقد كفرتم به وكذبتموه. ﴿وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ﴾ أي وقد شهدت بصدقه وصحته الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبلي، بشرت به وأخبرت بمثل ما أخبر هذا القرآن به.


(١) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٣، والتعبير باب ١٣.
(٢) وقيل: هي الرميصاء بنت ملحان بن خالد بن زيد، أم أنس بن مالك. انظر كتاب الثقات لابن حبان ٣/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>