للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفج بين الجبلين. وقال ابن عباس صار البحر اثني عشر طريقا لكل سبط طريق، وزاد السدي:

وصار فيه طاقات ينظر بعضهم إلى بعض، وقام الماء على حيلة كالحيطان. وبعث الله الريح إلى قعر البحر فلفحته، فصار يبسا كوجه الأرض، قال الله تعالى: ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى﴾ [طه: ٧٧]. وقال في هذه القصة ﴿وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾ أي هنا لك. قال ابن عباس وعطاء الخراساني وقتادة والسدي ﴿وَأَزْلَفْنا﴾ أي قربنا من البحر فرعون وجنوده، وأدنيناهم إليه ﴿وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾ أي أنجينا موسى وبني إسرائيل ومن اتبعهم على دينهم، فلم يهلك منهم احد، وأغرق فرعون وجنوده فلم يبق منهم رجل إلا هلك.

وروى ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة، حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله هو ابن مسعود أن موسى حين أسرى ببني إسرائيل بلغ فرعون ذلك، فأمر بشاة فذبحت، وقال: لا والله لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع إليّ ستمائة ألف من القبط، فانطلق موسى حتى انتهى إلى البحر، فقال له: انفرق، فقال له البحر: قد استكبرت يا موسى، وهل انفرقت لأحد من ولد آدم، فأنفرق لك؟ قال، ومع موسى رجل على حصان له، فقال له ذلك الرجل، أين أمرت يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إلا بهذا الوجه، قال: والله ما كذب ولا كذبت، ثم اقتحم الثانية فسبح ثم خرج، فقال: أين أمرت يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إلا بهذا الوجه. قال: والله ما كذب ولا كذبت، قال: فأوحى الله إلى موسى: أن اضرب بعصاك البحر، فضربه موسى بعصاه، فانفلق، فكان فيه اثنا عشر سبطا لكل سبط طريق يتراءون، فلما خرج أصحاب موسى، وتتام أصحاب فرعون، التقى البحر عليهم فأغرقهم.

وفي رواية إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: فلما خرج آخر أصحاب موسى، وتكامل أصحاب فرعون، انطم عليهم البحر، فما رئي سواد أكثر من يومئذ، وغرق فرعون لعنه الله، ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً﴾ أي في هذه القصة وما فيها من العجائب والنصر والتأييد لعباد الله المؤمنين، لدلالة وحجة قاطعة وحكمة بالغة ﴿وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ تقدم تفسيره.

[[سورة الشعراء (٢٦): الآيات ٦٩ إلى ٧٧]]

﴿وَاُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاّ رَبَّ الْعالَمِينَ (٧٧)

هذا إخبار من الله تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء، أمر الله تعالى رسوله محمدا أن يتلوه على أمته ليقتدوا به في الإخلاص والتوكل، وعبادة الله وحده

<<  <  ج: ص:  >  >>