للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الشَّامِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «من لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ عَلَى مَا عَمِلَ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ وَحَمِدَ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ وَحَبِطَ عَمَلُهُ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْعِبَادِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْئًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ» لِقَوْلِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَرَوِيَ مَرْفُوعًا «اللَّهُمَّ لَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ وَلَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ وأعوذ بك من الشر كله» .

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)

أرشد تبارك وَتَعَالَى عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ الَّذِي هُوَ صَلَاحُهُمْ في دنياهم وأخراهم فقال ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً قِيلَ مَعْنَاهُ تَذَلُّلًا واستكانة، وخفية كقوله وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ [الأعراف: ٢٠٥] الآية وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ رَفَعَ النَّاسُ أَصْوَاتَهُمْ بِالدُّعَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غائبا إن الذي تدعون سَمِيعٌ قَرِيبٌ» «١» الْحَدِيثَ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً قَالَ السِّرُّ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» تَضَرُّعًا تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً لِطَاعَتِهِ وَخُفْيَةً يَقُولُ بِخُشُوعِ قُلُوبِكُمْ وَصِحَّةِ الْيَقِينِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وبينه لا جهرا مراءاة وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فُضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَقَدْ فَقُهَ الْفِقْهَ الْكَثِيرَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصَلِّيَ الصَّلَاةَ الطَّوِيلَةَ فِي بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ الزوار وَمَا يَشْعُرُونَ بِهِ وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ يَقْدِرُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ فِي السِّرِّ فَيَكُونُ عَلَانِيَةً أَبَدًا وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَمَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ إِنْ كَانَ إِلَّا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ عَبْدًا صَالِحًا رَضِيَ فِعْلَهُ فَقَالَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا «٣» [مَرْيَمَ: ٣] وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَالنِّدَاءُ وَالصِّيَاحُ فِي الدُّعَاءِ وَيُؤْمَرُ بِالتَّضَرُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ «٤» .

ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ في الدعاء ولا في


(١) أخرجه البخاري في المغازي باب ٣٨، والجهاد باب ١٣١، والدعوات باب ٥١، والقدر باب ٧، والتوحيد باب ٩، ومسلم في الذكر حديث ٤٤، ٤٥، وأبو داود في الوتر باب ٢٦.
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٥١٤.
(٣) انظر تفسير الطبري ٥/ ٥١٤.
(٤) انظر تفسير الطبري ٥/ ٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>