للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفقهت فقلت يا أمير المؤمنين أقول؟ قال: قل في أمان الله، قلت يا أمير المؤمنين أنت أكرم على الله أو داود ، إن الله تعالى جمع له النبوة والخلافة ثم توعده في كتابه فقال تعالى: ﴿يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ الآية وقال عكرمة ﴿لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ﴾ هذا من المقدم والمؤخر لهم عذاب شديد يوم الحساب بما نسوا، وقال السدي لهم عذاب شديد بما تركوا أن يعملوا ليوم الحساب وهذا القول أمشى على ظاهر الآية والله الموفق للصواب.

[[سورة ص (٣٨): الآيات ٢٧ إلى ٢٩]]

﴿وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ (٢٨) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩)

يخبر تعالى أنه ما خلق الخلق عبثا وإنما خلقهم ليعبدوه ويوحدوه ثم يجمعهم يوم الجمع فيثيب المطيع ويعذب الكافر ولهذا قال : ﴿وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي الذين لا يرون بعثا ولا معادا وإنما يعتقدون هذه الدار فقط ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النّارِ﴾ أي ويل لهم يوم معادهم ونشورهم من النار المعدة لهم، ثم بين تعالى أنه ﷿ من عدله وحكمته لا يساوي بين المؤمنين والكافرين فقال تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ﴾ أي لا نفعل ذلك ولا يستوون عند الله وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من دار أخرى يثاب فيها هذا المطيع ويعاقب فيها هذا الفاجر وهذا الإرشاد يدل على العقول السليمة والفطر المستقيمة على أنه لا بد من معاد وجزاء فإنا نرى الظالم الباغي يزداد ماله وولده ونعيمه ويموت كذلك ونرى المطيع المظلوم يموت بكمده فلا بد في حكمة الحكيم العليم العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة من إنصاف هذا من هذا، وإذا لم يقع هذا في هذه الدار فتعين أن هناك دارا أخرى لهذا الجزاء والمواساة.

ولما كان القرآن يرشد إلى المقاصد الصحيحة والمآخذ العقلية الصريحة قال تعالى:

﴿كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ أي ذوو العقول وهي الألباب جمع لب وهو العقل، قال الحسن البصري والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى أن أحدهم ليقول قرأت القرآن كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل، رواه ابن أبي حاتم.

[[سورة ص (٣٨): الآيات ٣٠ إلى ٣٣]]

﴿وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>