لأبي سعيد الخدري: ألا تحمدني على ما شهدت لك، فقال أبو سعيد: شهدت الحق فقال زيد: أولا تحمدني على ما شهدت الحق؟ ثم رواه من حديث مالك عن زيد بن أسلم، عن رافع بن خديج: أنه كان هو وزيد بن ثابت عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة، فقال مروان: يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية؟ فذكره كما تقدم عن أبي سعيد ﵃، وكان مروان يبعث بعد ذلك يسأل ابن عباس كما تقدم، فقال له ما ذكرناه ولا منافاة بين ما ذكره ابن عباس وما قاله هؤلاء، لأن الآية عامة في جميع ما ذكر، والله أعلم.
وقد روى ابن مردويه أيضا من حديث محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة عن الزهري، عن محمد بن ثابت الأنصاري، أن ثابت بن قيس الأنصاري قال: يا رسول الله، والله لقد خشيت أن أكون هلكت، قال «لم»؟ قال: نهى الله المرء أن يحب أن يحمد بما لم يفعل وأجدني أحب الحمد، ونهى الله عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال ونهى الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا امرؤ جهوري الصوت، فقال رسول الله ﷺ«ألا ترضى أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟» فقال: بلى يا رسول الله. فعاش حميدا وقتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب.
وقوله تعالى: ﴿فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ﴾ يقرأ بالتاء على مخاطبة المفرد، وبالياء على الإخبار عنهم أي لا يحسبون أنهم ناجون من العذاب بل لا بد لهم منه ولهذا قال تعالى:
﴿وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ ثم قال تعالى ﴿وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي هو مالك كل شيء، والقادر على كل شيء، فلا يعجزه شيء، فهابوه ولا تخالفوه، واحذروا غضبه ونقمته فإنه العظيم الذي لا أعظم منه، والتقدير الذي لا أقدر منه.
قال الطبراني: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أتت قريش اليهود، فقالوا: بم جاءكم موسى؟ قالوا: عصاه ويده بيضاء للناظرين، وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى، فأتوا النبي ﷺ فقالوا:
ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا، فدعا ربه، فنزلت هذه الآية ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾