للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الرابع] قال ابن أبي حاتم، حدثنا علي بن الحسين، حدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا مسكين أبو فاطمة، حدثني اليمان بن يزيد عن محمد بن جبر عن محمد بن علي، عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله : «منهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته (١)، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه، على قدر ذنوبهم وأعمالهم، ومنهم من يمكث فيها شهرا ثم يخرج منها، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها، وأطولهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى، فإذا أراد الله أن يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد: آمنتم بالله وكتبه ورسله فنحن وأنتم اليوم في النار سواء، فيغضب الله لهم غضبا لم يغضبه لشيء فيما مضى، فيخرجهم إلى عين في الجنة وهو قوله: ﴿رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ﴾».

وقوله: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا﴾ تهديد شديد لهم ووعيد أكيد، كقوله تعالى: ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النّارِ﴾ [النجم: ٣٠]. وقوله: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ [المرسلات: ٤٦]، ولهذا قال: ﴿وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ﴾ أي عن التوبة والإنابة ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ أي عاقبة أمرهم.

[[سورة الحجر (١٥): الآيات ٤ إلى ٥]]

﴿وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥)

يخبر تعالى أنه ما أهلك قرية إلا بعد قيام الحجة عليها وانتهاء أجلها، وأنه لا يؤخر أمة حان هلاكها عن ميقاتهم ولا يتقدمون عن مدتهم، وهذا تنبيه لأهل مكة وإرشاد لهم إلى الإقلاع عما هم عليه من الشرك والعناد والإلحاد الذي يستحقون به الهلاك.

[[سورة الحجر (١٥): الآيات ٦ إلى ٩]]

﴿وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ (٧) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨) إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)

يخبر تعالى عن كفرهم وعنادهم في قولهم ﴿يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ أي الذي تدعي ذلك ﴿إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ أي في دعائك إيانا إلى اتباعك وترك ما وجدنا عليه آباءنا ﴿لَوْ ما﴾ أي هلا ﴿تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ﴾ أي يشهدون لك بصحة ما جئت به إن كنت من الصادقين، كما قال فرعون ﴿فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ [الزخرف: ٥٢]، ﴿وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً﴾


(١) الحجزة: معقد الإزار.

<<  <  ج: ص:  >  >>