للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي، حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن أيفع عن ابن عبد الكلاعي أنه سمعه وهو يعظ الناس يقول: إن لجهنم سبع قناطر قال: والصراط عليهن، قال:

فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول ﴿قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ﴾ قال: فيحاسبون على الصلاة ويسألون عنها، قال: فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا، فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها، قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا، فإذا بلغوا القنطرة الثالثة سئلوا عن الرحم كيف وصلوها وكيف قطعوها، قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا، قال: والرحم يومئذ متدلية إلى الهوى في جهنم تقول: اللهم من وصلني فصله، ومن قطعني فاقطعه، قال: وهي التي يقول الله ﷿: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ﴾ هكذا أورد هذا الأثر ولم يذكر تمامه.

[[سورة الفجر (٨٩): الآيات ١٥ إلى ٢٠]]

﴿فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا اِبْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمّا إِذا مَا اِبْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (١٦) كَلاّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠)

يقول تعالى منكرا على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله تعالى عليه في الرزق ليختبره في ذلك، فيعتقد أن ذلك من الله إكرام له وليس كذلك بل هو ابتلاء وامتحان كما قال تعالى:

﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون:

٥٥ - ٥٦] وكذلك في الجانب الآخر إذا ابتلاه وامتحنه وضيق عليه في الرزق يعتقد أن ذلك من الله إهانة له. قال الله تعالى: ﴿كَلاّ﴾ أي ليس الأمر كما زعم لا في هذا ولا في هذا، فإن الله تعالى يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ويضيق على من يحب ومن لا يحب، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين: إذا كان غنيا بأن يشكر الله على ذلك وإذا كان فقيرا بأن يصبر.

وقوله تعالى: ﴿بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾ فيه أمر بالإكرام له كما جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن يحيى بن أبي سليمان عن يزيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عن النبي «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه-ثم قال بإصبعه-أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا».

وقال أبو داود (١): حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان، أخبرنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم، حدثني أبي عن سهل يعني ابن سعيد أن رسول الله قال: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وقرن بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام، ﴿وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ﴾ يعني لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء والمساكين ويحث بعضهم على بعض في ذلك ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ﴾


(١) كتاب الأدب باب ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>