للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣] وقوله ﴿ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ أي أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ﴿أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ أي أيها المشركون في أمركم تعبدون مع الله إلها غيره وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق كقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ﴾ [الزخرف:٨٧] وقوله: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٦ - ٨٧] وكذا الآية التي قبلها والتي بعدها.

[[سورة يونس (١٠): آية ٤]]

﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٤)

يخبر تعالى أن إليه مرجع الخلائق يوم القيامة لا يترك منهم أحدا حتى يعيده كما بدأه، ثم ذكر تعالى أنه كما بدأ الخلق كذلك يعيده ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ﴾ أي بالعدل والجزاء الأوفى ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ﴾ أي بسبب كفرهم يعذبون يوم القيامة بأنواع العذاب. من ﴿سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ﴾ [الواقعة: ٤٢ - ٤٣] ﴿هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ﴾ [ص: ٥٧ - ٥٨] ﴿هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ [الرحمن: ٤٣ - ٤٤].

[[سورة يونس (١٠): الآيات ٥ إلى ٦]]

﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اِخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)

يخبر تعالى عما خلق من الآيات الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه أنه جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء وجعل شعاع القمر نورا، هذا فن وهذا فن آخر، ففاوت بينهما لئلا يشتبها، وجعل سلطان الشمس بالنهار وسلطان القمر بالليل، وقدر القمر منازل، فأول ما يبدو صغيرا ثم يتزايد نوره وجرمه حتى يستوسق ويكمل إبداره، ثم يشرع في النقص حتى يرجع إلى حالته الأولى في تمام شهر كقوله تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس:٤٠] وقوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً﴾ [الأنعام: ٩٦] الآية، وقوله في هذه الآية الكريمة: ﴿وَقَدَّرَهُ﴾ أي القمر ﴿مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ﴾ فبالشمس تعرف الأيام وبسير القمر تعرف الشهور والأعوام.

﴿ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاّ بِالْحَقِّ﴾ أي لم يخلقه عبثا بل له حكمة عظيمة في ذلك وحجة بالغة كقوله تعالى: ﴿وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>