للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣] وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود أنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» (١) وذكر تمام الحديث، وقال ابن مردويه: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا معن، حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين: أن رسول الله قال «أخبركم بأكبر الكبائر الشرك بالله» ثم قرأ ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً﴾، وعقوق الوالدين. ثم قرأ ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤].

[[سورة النساء (٤): الآيات ٤٩ إلى ٥٢]]

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٤٩) اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (٥٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (٥١) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (٥٢)

قال الحسن وقتادة: نزلت هذه الآية وهي قوله ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ في اليهود والنصارى حين قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه وقال ابن زيد: نزلت في قولهم: ﴿نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨]، وفي قولهم ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى﴾ [البقرة: ١١١]، وقال مجاهد: كانوا يقدمون الصبيان أمامهم في الدعاء والصلاة يؤمونهم ويزعمون أنهم لا ذنب لهم، وكذا قال عكرمة وأبو مالك، وروى ذلك ابن جرير، وقال العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ وذلك أن اليهود قالوا: إن أبناءنا توفوا وهم لنا قربة وسيشفعون لنا ويزكوننا، فأنزل الله على محمد ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ الآية، رواه ابن جرير (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مصفى، حدثنا ابن حمير عن ابن لهيعة، عن بشير بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان اليهود يقومون صبيانهم يصلون بهم، ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب، وكذبوا، قال الله: إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له، وأنزل الله ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ ثم قال: وروي عن مجاهد وأبي مالك والسدي وعكرمة والضحاك، نحو ذلك، وقال الضحاك: قالوا: ليس لنا ذنوب كما ليس لأبنائنا ذنوب، فأنزل الله ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ فيهم.

وقيل: نزلت في ذم التمادح والتزكية، وقد جاء في الحديث الصحيح عند مسلم عن المقداد بن الأسود قال: أمرنا رسول الله أن نحثو في وجوه المداحين التراب، وفي الحديث الآخر المخرج في الصحيحين من طريق خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة،


(١) صحيح البخاري (تفسير سورة البقرة باب ٣) وصحيح مسلم (إيمان حديث ١٤١ - ١٤٢)
(٢) تفسير الطبري ٤/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>