للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبيه: أن رسول الله ، سمع رجلا يثني على رجل، فقال «ويحك قطعت عنق صاحبك»، ثم قال: «إن كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة، فليقل أحسبه كذا، ولا يزكي على الله أحدا».

وقال الإمام أحمد: حدثنا معتمر عن أبيه عن نعيم بن أبي هند قال: قال عمر بن الخطاب:

من قال: أنا مؤمن فهو كافر ومن قال هو عالم فهو جاهل ومن قال هو في الجنة فهو في النار، ورواه ابن مردويه من طريق موسى بن عبيدة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عمر أنه قال:

إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه فمن قال إنه مؤمن فهو كافر، ومن قال: هو عالم فهو جاهل، ومن قال: إنه في الجنة فهو في النار.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة وحجاج، أنبأنا شعبة عن سعد بن إبراهيم، عن معبد الجهني، قال: كان معاوية قلما يحدث عن النبي قال: وكان قلما يكاد أن يدع يوم الجمعة هؤلاء الكلمات أن يحدث بهن عن النبي يقول «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإن هذا المال حلو خضر، فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه، وإياكم والتمادح فإنه الذبح» وروى ابن ماجة منه «إياكم والتمادح فإنه الذبح» عن أبي بكر بن أبي شيبة عن غندر عن شعبة به، ومعبد هذا هو ابن عبد الله بن عويم البصري القدري.

وقال ابن جرير (٢): حدثنا يحيى بن إبراهيم المسعودي، حدثنا أبي عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: قال عبد الله بن مسعود: إن الرجل ليغدو بدينه ثم يرجع وما معه منه شيء، يلقى الرجل ليس يملك له نفعا ولا ضرا، فيقول له:

إنك والله كيت وكيت، فلعله أن يرجع ولم يحل من حاجته بشيء، وقد أسخط الله، ثم قرأ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ الآية.

وسيأتي الكلام على ذلك مطولا عند قوله تعالى ﴿فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى﴾ [النجم: ٣٢] ولهذا قال تعالى: ﴿بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ﴾ أي المرجع في ذلك إلى الله ﷿ لأنه أعلم بحقائق الأمور وغوامضها.

ثم قال تعالى: ﴿وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ أي ولا يترك لأحد من الأجر ما يوازن مقدار الفتيل، قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطاء والحسن وقتادة وغير واحد من السلف: هو ما يكون في شق النواة. وعن ابن عباس أيضا: هو ما فتلت بين أصابعك، وكلا القولين متقارب.

وقوله ﴿اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ﴾ أي في تزكيتهم أنفسهم ودعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه، وقولهم ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى﴾ [البقرة: ١١١]، وقولهم


(١) مسند أحمد ٤/ ٩٣.
(٢) تفسير الطبري ٤/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>