للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُوداتٍ﴾ [آل عمران: ٢٤] واتكالهم على أعمال آبائهم الصالحة، وقد حكم الله أن أعمال الآباء لا تجزي عن الأنباء شيئا في قوله ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ﴾ [البقرة: ١٣٤]، ثم قال ﴿وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً﴾ أي وكفى بصنيعهم هذا كذبا وافتراء ظاهرا.

وقوله ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ﴾ أما الجبت، فقال محمد بن إسحاق، عن حسان بن فائد، عن عمر بن الخطاب أنه قال: الجبت السحر، والطاغوت الشيطان. وهكذا روي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن والضحاك والسدي، وعن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن وعطية: الجبت الشيطان، وزاد ابن عباس:

بالحبشية وعن ابن عباس أيضا: الجبت الشرك. وعنه: الجبت الأصنام. وعن الشعبي: الجبت الكاهن، وعن ابن عباس: الجبت حيي بن أخطب، وعن مجاهد: الجبت كعب بن الأشرف، وقال العلامة أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري في كتابه الصحاح: الجبت كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك. وفي الحديث «الطيرة والعيافة والطّرق من الجبت».

قال: وليس هذا من محض العربية لاجتماع الجيم والتاء في كلمة واحدة من غير حرف ذو لقيّ (١).

وهذا الحديث الذي ذكره الإمام أحمد (٢) في مسنده، فقال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف عن حيان أبي العلاء، حدثنا قطن بن قبيصة عن أبيه وهو قبيصة بن مخارق أنه سمع النبي قال «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت» وقال عوف: العيافة زجر الطير، والطرق الخط يخط في الأرض، والجبت، قال الحسن: إنه الشيطان. وهكذا رواه أبو داود (٣) في سننه، والنسائي وابن أبي حاتم في تفسيريهما من حديث عوف الأعرابي به. وقد تقدم الكلام على الطاغوت في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هاهنا.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا إسحاق بن الضيف، حدثنا حجاج عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله أنه سئل عن الطواغيت، فقال: هم كهان تنزل عليهم الشياطين. وقال مجاهد: الطاغوت الشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه، وهو صاحب أمرهم. وقال الإمام مالك: الطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله ﷿.

وقوله ﴿وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً﴾ أي يفضلون الكفار على


(١) أي الحرف الذي يخرج من ذلق اللسان، وهو طرفه.
(٢) مسند أحمد ٥/ ٦٠.
(٣) سنن أبي داود (طب باب ٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>