للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ «هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ» هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «١» وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِهِ نَحْوَهُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، أَيْ فِي أَنَّهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ فَرْقٌ فِي الْمَنَازِلِ فِي الْجَنَّةِ.

[الْحَدِيثُ الثَّانِي] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَأَمَّا الَّذِينَ سَبَقُوا فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَأَمَّا الَّذِينَ اقتصدوا فأولئك الذين يُحَاسِبُونَ حِسَابًا يَسِيرًا وَأَمَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فأولئك الذي يُحْبَسُونَ فِي طُولِ الْمَحْشَرِ، ثُمَّ هُمُ الَّذِينَ تلاقاهم الله بِرَحْمَتِهِ، فَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ [فاطر: ٣٤- ٣٥] .

[طَرِيقٌ أُخْرَى] قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أُسَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبي ثابت، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «ثم أورثنا الكتاب اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا، فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ- قَالَ- فَأَمَّا الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يُصِيبَهُ الْهَمُّ وَالْحُزْنُ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» .

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٣» مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: ذَكَرَ أَبُو ثَابِتٍ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَجَلَسَ إلى جنب أبي الدرداء رضي الله عنه، فَقَالَ: اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي، وَارْحَمْ غُرْبَتِي وَيَسِّرْ لي جليسا صالحا، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: لَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا لَأَنَا أَسْعَدُ بِكَ مِنْكَ، سَأُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ مُنْذُ سمعته منه وذكر هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ، فَأَمَّا السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ فَيَدْخُلُهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَأَمَّا الْمُقْتَصِدُ فَيُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا، وَأَمَّا الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ فَيُصِيبُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ من الغم والحزن، وذلك قوله تعالى:

وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [فَاطِرٍ: ٣٤] .

[الْحَدِيثُ الثَّالِثُ] قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ،


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٤١٣.
(٢) المسند ٥/ ١٩٨.
(٣) تفسير الطبري ١٠/ ٤١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>