للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على سدوم ويقول: سدوم يوم هالك (١).

وفي رواية عن قتادة وغيره قال وبلغنا أن جبريل لما أصبح نشر جناحه فانتسف بها أرضهم بما فيها من قصورها ودوابها وحجارتها وشجرها وجميع ما فيها فضمها في جناحه فحواها وطواها في جوف جناحه ثم صعد بها إلى السماء الدنيا حتى سمع سكان السماء أصوات الناس والكلاب وكانوا أربعة آلاف ثم قلبها فأرسلها إلى الأرض منكوسة ودمدم بعضها على بعض فجعل عاليها سافلها ثم أتبعها حجارة من سجيل (٢).

وقال محمد بن كعب القرظي: كانت قرى قوم لوط خمس قريات سدوم وهي العظمى وصعبة وصعود وغمة ودوما احتملها جبريل بجناحه ثم صعد بها حتى إن أهل السماء الدنيا ليسمعون نابحة كلابها وأصوات دجاجها ثم كفأها على وجهها ثم أتبعها الله بالحجارة، يقول الله تعالى: ﴿جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾ فأهلكها الله وما حولها من المؤتفكات، وقال السدي: لما أصبح قوم لوط نزل جبريل فاقتلع الأرض من سبع أرضين فحملها حتى بلغ بها السماء حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها فقتلهم فذلك قوله: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى﴾ ومن لم يمت حتى سقط للأرض أمطر الله عليه وهو تحت الأرض الحجارة ومن كان منهم شاذا في الأرض يتبعهم في القرى فكان الرجل يتحدث فيأتيه الحجر فيقتله فذلك قوله ﷿: ﴿وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ﴾ أي في القرى حجارة من سجيل هكذا قال السدي.

وقوله: ﴿وَما هِيَ مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ أي وما هذه النقمة ممن تشبه بهم في ظلمهم ببعيد عنه، وقد ورد في الحديث المروي في السنن عن ابن عباس مرفوعا «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (٣).

وذهب الإمام الشافعي في قول عنه وجماعة من العلماء إلى أن اللائط يقتل سواء كان محصنا أو غير محصن عملا بهذا الحديث، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يلقى من شاهق ويتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط والله أعلم بالصواب.

[[سورة هود (١١): آية ٨٤]]

﴿وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤)

يقول تعالى ولقد أرسلنا إلى مدين وهم قبيلة من العرب كانوا يسكنون بين الحجاز والشام قريبا من معان. بلادا تعرف بهم يقال لها مدين فأرسل الله إليهم شعيبا وكان من أشرفهم نسبا،


(١) انظر تفسير الطبري ٧/ ٩٦، وفيه: سدوم-يوم مالك، بدل: سدوم يوم هالك.
(٢) تفسير الطبري ٧/ ٩٦.
(٣) أخرجه الترمذي في الحدود باب ٢٤، وابن ماجة في الحدود باب ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>