للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب، وصح في الحديث «لا يقضي الله لمؤمن قضاء إلا كان خيرا له» وقال تعالى: ﴿وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة:٢١٦] وقوله ﴿فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً﴾ أي ولدا أزكى من هذا، وهما أرحم به منه، قاله ابن جريج. وقال قتادة: أبرّ بوالديه، وقد تقدم أنهما بدلا جارية.

وقيل: لما قتله الخضر كانت أمه حاملا بغلام مسلم، قاله ابن جريج.

[[سورة الكهف (١٨): آية ٨٢]]

﴿وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢)

في هذه الآية دليل على إطلاق القرية على المدينة، لأنه قال أولا ﴿حَتّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ وقال هاهنا ﴿فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ [محمد: ١٣] ﴿وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١] يعني مكة والطائف، ومعنى الآية أن هذا الجدار إنما أصلحته لأنه كان لغلامين يتيمين في المدينة، وكان تحته كنز لهما. قال عكرمة وقتادة وغير واحد: وكان تحته مال مدفون لهما، وهو ظاهر السياق من الآية، وهو اختيار ابن جرير .

وقال العوفي عن ابن عباس: كان تحته كنز علم، وكذا قال سعيد بن جبير، وقال مجاهد:

صحف فيها علم، وقد ورد في حديث مرفوع ما يقوي ذلك. قال الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده المشهور: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا بشر بن المنذر، حدثنا الحارث بن عبد الله اليحصبي عن عياش بن عباس الغتباني، عن ابن حجيرة عن أبي ذر رفعه قال: «إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه لوح من ذهب مصمت، مكتوب فيه: عجبت لمن أيقن بالقدر لم نصب، وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك، وعجبت لمن ذكر الموت لم غفل، لا إله إلا الله محمد رسول الله».

وبشر بن المنذر هذا يقال له قاضي المصيصة. قال الحافظ أبو جعفر العقيلي في حديثه وهم، وقد روي في هذا آثار عن السلف، فقال ابن جرير في تفسيره: حدثني يعقوب، حدثنا الحسن بن حبيب ابن ندبة، حدثنا سلمة عن نعيم العنبري وكان من جلساء الحسن قال: سمعت الحسن يعني البصري يقول في قوله: ﴿وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما﴾ قال لوح من ذهب مكتوب فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وحدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش عن عمر مولى غفرة قال: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>