للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو يعلى: حدثنا يحيى بن معين حدثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي قال: «سألت جبريل عن هذه الآية ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ﴾ من الذين لم يشاء الله تعالى أن يصعقهم؟ قال هم الشهداء يتقلدون أسيافهم حول عرشه تتلقاهم ملائكة يوم القيامة إلى المحشر بنجائب (١) من ياقوت نمارها (٢) ألين من الحرير مد خطاها مد أبصار الرجال يسيرون في الجنة يقولون عند طول النزهة انطلقوا بنا إلى ربنا ﷿ لننظر كيف يقضي بين خلقه يضحك إليهم إلهي وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه» رجاله كلهم ثقات إلا شيخ إسماعيل بن عياش فإنه غير معروف والله أعلم. وقوله : ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها﴾ أي أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق جل وعلا للخلائق لفصل القضاء ﴿وَوُضِعَ الْكِتابُ﴾ قال قتادة كتاب الأعمال ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ﴾ قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يشهدون على الأمم بأنهم بلغوا رسالات الله إليهم ﴿وَالشُّهَداءِ﴾ أي الشهداء من الملائكة الحفظة على أعمال العباد من خير وشر ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ أي بالعدل ﴿وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ قال الله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧] وقال جل وعلا: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ [النساء: ٤٠] ولهذا قال ﷿: ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ﴾ أي من خير وشر ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ﴾.

[[سورة الزمر (٣٩): الآيات ٧١ إلى ٧٢]]

﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١) قِيلَ اُدْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢)

يخبر تعالى عن حال الأشقياء الكفار كيف يساقون إلى النار وإنما يساقون سوقا عنيفا.

بزجر وتهديد ووعيد كما قال ﷿: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [الطور: ١٣] أي يدفعون إليها دفعا، هذا وهم عطاش ظماء كما قال جل وعلا في الآية الأخرى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً﴾ [مريم: ٨٥ - ٨٦] وهم في تلك الحال صم وبكم وعمي منهم من يمشي على وجهه ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً﴾ [الإسراء: ٩٧].

وقوله : ﴿حَتّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها﴾ أي بمجرد وصولهم إليها فتحت


(١) النجائب: جمع نجيبة، تأنيث النجيب من الإبل، وهو القوي الخفيف السريع.
(٢) النمار: جمع نمرة: وهي كل شملة مخططة من مآزر العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>