للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، قال «لولا أَنْ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ أَوْ قَالَ:

بِكُفْرٍ- لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَجَعَلْتُ بَابَهَا بِالْأَرْضِ وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا الْحِجْرَ» .

وَقَالَ البخاري: أخبرنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ:

قَالَ لِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا، فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الْكَعْبَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ:

قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ- فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ- بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابًا يَدْخُلُ مِنْهُ النَّاسُ، وَبَابًا يخرجون منه» فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيُّ فَرَوَاهُ هَكَذَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ صَحِيحِهِ.

وَقَالَ مُسْلِمٌ «١» فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «ولولا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ وَلَجَعَلْتُهَا عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ قُرَيْشًا حِينَ بَنَتِ البيت استقصرت، ولجعلت لها خلفا» «٢» قال: وحدثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قالا: أخبرنا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حدثني ابن مهدي، أخبرنا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي خَالَتِي، يَعْنِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا عائشة لولا قومك حديثو عَهْدٍ بِشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَأَلَزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَلَجَعَلْتُ لها بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ «٣» بَنَتِ الْكَعْبَةَ» انْفَرَدَ بِهِ أَيْضًا.

ذِكْرُ بِنَاءِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمُدَدٍ طَوِيلَةٍ، وَقَبْلَ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ سِنِينَ

وَقَدْ نَقَلَ مَعَهُمْ فِي الْحِجَارَةِ وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي السِّيرَةِ «٤» : وَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ لِبُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَكَانُوا يَهُمُّونَ بِذَلِكَ لِيَسْقُفُوهَا وَيَهَابُونَ هَدْمَهَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ رَضْمًا «٥» فَوْقَ الْقَامَةِ فَأَرَادُوا رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا سَرَقُوا كَنْزَ الْكَعْبَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ فِي بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ الذِي وُجِدَ عِنْدَهُ الْكَنْزُ دُوَيْكٌ مَوْلَى بَنِي مُلَيْحِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خُزَاعَةَ، فَقَطَعَتْ قُرَيْشٌ يَدَهُ، وَيَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّ الَّذِينَ سَرَقُوهُ وَضَعُوهُ عِنْدَ دويك، وكان البحر


(١) صحيح مسلم (حج حديث ٣٩٨) .
(٢) خلفا: أي بابا من خلفها.
(٣) حيث هنا بمعنى حين. وذكر ابن هشام في مغني اللبيب أن كلمة حيث قد ترد للزمان.
(٤) سيرة ابن هشام ١/ ١٩٢.
(٥) الرضم: أن تنضد الحجارة بعضها على بعض من غير ملاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>