للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَتَمِيمٌ يَقُولُونَ قِنْيَانٌ بِالْيَاءِ قَالَ: وَهِيَ جَمْعُ قِنْوٍ، كَمَا أَنَّ صِنْوَانٌ جَمْعُ صِنْوٍ.

وقوله تعالى: وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ أَيْ وَنُخْرِجُ مِنْهُ جَنَّاتٍ من أعناب، وهذان النوعان هما أشرف الثمار عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَرُبَّمَا كَانَا خِيَارَ الثِّمَارِ في الدنيا كما امتن الله بهما على عباده، في قوله تعالى: وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً [النَّحْلِ: ٦٧] وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَقَالَ وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ [يس: ٣٤] وقوله تعالى: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ قَالَ قَتَادَةُ وغيره: متشابه في الورق والشكل، قريب بعضه من بعض، ومتخالف في الثمار شكلا وطعما وطبعا.

وقوله تعالى: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ أَيْ نُضْجِهِ، قَالَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ، أَيْ فَكِّرُوا فِي قُدْرَةِ خَالِقِهِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ حَطَبًا، صَارَ عِنَبًا ورطبا، وغير ذلك مما خلق سبحانه وتعالى، من الألوان والأشكال والطعوم والروائح، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ [الرعد: ٤] الآية، ولهذا قال هاهنا إِنَّ فِي ذلِكُمْ أيها الناس لَآياتٍ أَيْ دَلَالَاتٍ، عَلَى كَمَالِ قُدْرَةِ خَالِقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أَيْ يصدقون به ويتبعون رسله.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٠٠]]

وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠)

هَذَا رَدٌّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ، وأشركوا به في عبادته، أن عبدوا الجن، فجعلوهم شركاء له فِي الْعِبَادَةِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ. فإن قيل: فكيف عبدت الجن، مع أنهم إنما كانوا يعبدون الأصنام؟ فالجواب: أنهم ما عبدوها، إلا عن طاعة الجن وأمرهم إياهم بذلك، كقوله إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً [النساء: ١١٧- ١٢٠] وكقوله تعالى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي [الكهف: ٥٠] الآية.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا [مَرْيَمَ: ٤٤] وكقوله أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ [يس: ٦٠- ٦١] وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>