للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الأعراف (٧): آية ٣١]]

﴿يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاِشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)

هذه الآية الكريمة رد على المشركين فيما كانوا يعتمدونه، من الطواف بالبيت عراة كما رواه مسلم والنسائي وابن جرير، واللفظ له من حديث شعبة عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء، الرجال بالنهار والنساء بالليل، وكانت المرأة تقول: [رجز] اليوم يبدو بعضه أو كلّه … وما بدا منه فلا أحلّه (١)

فقال الله تعالى ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ وقال العوفي: عن ابن عباس في قوله ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ الآية، قال: كان رجال يطوفون بالبيت عراة فأمرهم الله بالزينة. والزينة اللباس وهو ما يواري السوأة وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع، فأمروا أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد، وهكذا قال مجاهد وعطاء وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وقتادة والسدي والضحاك ومالك، عن الزهري وغير واحد من أئمة السلف في تفسيرها أنها نزلت في طواف المشركين بالبيت عراة، وقد روى الحافظ ابن مردويه من حديث سعيد بن بشير والأوزاعي، عن قتادة، عن أنس مرفوعا، أنها نزلت في الصلاة في النعال، ولكن في صحته نظر، والله أعلم، ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يستحب التجمل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيب لأنه من الزينة والسواك لأنه من تمام ذلك.

ومن أفضل اللباس البياض كما قال الإمام أحمد (٢): حدثنا علي بن عاصم، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير وصححه عن ابن عباس مرفوعا، قال: قال رسول الله «البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم وإن خير أكحالكم الإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر» (٣) هذا حديث جيد الإسناد، رجاله على شرط مسلم ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم به، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وللإمام أحمد أيضا وأهل السنن بإسناد جيد عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله «عليكم بثياب البياض فالبسوها فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم» (٤) وروى الطبراني بسند


(١) تقدم الرجز مع تخريجه قبل قليل في تفسير الآية ٢٨ من هذه السورة.
(٢) المسند ١/ ٢٤٧.
(٣) أخرجه أبو داود في اللباس باب ١٣، والطب باب ١٤، والترمذي في اللباس باب ٢٢، والطب باب ٩، وابن ماجة في الطب باب ٢٥.
(٤) أخرجه أبو داود في الطب باب ١٤، واللباس باب ١٣، والترمذي في الجنائز باب ١٨، والأدب باب ٤٦، والنسائي في الجنائز باب ٣٨، والزينة باب ٩٧، وابن ماجة في الجنائز باب ١٢، واللباس باب ٥، وأحمد في المسند ٥/ ١٠، ١٢، ١٣، ١٧، ١٨، ١٩، ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>