للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أبي حاتم عند هذه الآية: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي عمرو السيباني أو ربيعة عن عبد الله بن الديلمي قال: أتيت عبد الله بن عمرو وهو في حائط بالطائف يقال له الوهط، قال:

سمعت رسول الله يقول: «إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من نوره يومئذ فقد اهتدى ومن أخطأه منه ضل، فلذلك أقول جف القلم على ما علم الله ﷿».

ثم قال: حدثنا محمد بن عبدة القزويني، حدثنا حسان بن حسان البصري، حدثنا إبراهيم بن بشير، حدثنا يحيى بن معن، حدثنا إبراهيم القرشي عن سعد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول الله فقال «الحمد لله الذي يهدي من الضلالة، ويلبس الضلالة على من أحب» وهذا أيضا حديث غريب جدا.

[[سورة فاطر (٣٥): الآيات ٩ إلى ١١]]

﴿وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠) وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١١)

كثيرا ما يستدل تعالى على المعاد بإحيائه الأرض بعد موتها، كما في أول سورة الحج (١) ينبه عباده أن يعتبروا بهذا على ذلك فإن الأرض تكون ميتة هامدة لا نبات فيها، فإذا أرسل إليها السحاب تحمل الماء وأنزله عليها ﴿اِهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ [الحج: ٥] كذلك الأجساد إذا أراد الله تعالى بعثها ونشورها، أنزل من تحت العرش مطرا يعم الأرض جميعا، ونبتت الأجساد في قبورها كما تنبت الحبة في الأرض ولهذا جاء في الصحيح «كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب، منه خلق ومنه يركب» (٢) ولهذا قال تعالى: ﴿كَذلِكَ النُّشُورُ﴾ وتقدم في الحج حديث أبي رزين قلت: يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال «يا أبا رزين أما مررت بوادي قومك ممحلا ثم مررت به يهتز خضرا» قلت:

بلى، قال : «فكذلك يحيي الله الموتى» وقوله تعالى: ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾ أي من كان يحب أن يكون عزيزا في


(١) انظر تفسير الآيات ٥ - ٧ من سورة الحج.
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٣٩، باب ٣، وسورة ٧٨، باب ١، ومسلم في الفتن حديث ١٤١ - ١٤٣، وأبو داود في السنة باب ٢٢، والنسائي في الجنائز باب ١١٧، وابن ماجة في الزهد باب ٣٢، ومالك في الجنائز حديث ٤٩، وأحمد في المسند ٢/ ٣٢٢، ٤٢٨، ٤٩٩، ٣/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>