للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ربط فرسا في سبيل الله، كانت النفقة عليه كالماد يده بالصدقة لا يقبضها»، والأحاديث الواردة في فضل ارتباط الخيل كثيرة. وفي صحيح البخاري، عن عروة بن أبي الجعد البارقي، أن رسول الله ، قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الأجر والمغنم» (١).

وقوله: ﴿تُرْهِبُونَ﴾ أي تخوفون ﴿بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ أي من الكفار ﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ﴾ قال مجاهد يعني بني قريظة، وقال السدي: فارس، وقال سفيان الثوري: قال ابن يمان: هم الشياطين التي في الدور، وقد ورد حديث بمثل ذلك.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي، حدثنا أبو حيوة يعني شريح بن يزيد المقري، حدثنا سعيد بن سنان، عن ابن غريب، يعني يزيد بن عبد الله بن غريب، عن أبيه عن جده، أن رسول الله كان يقول في قول الله تعالى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ﴾ قال هم الجن، ورواه الطبراني عن إبراهيم بن دحيم، عن أبيه عن محمد بن شعيب عن سنان بن سعيد بن سنان، عن يزيد بن عبد الله بن غريب به، وزاد، قال رسول الله : «لا يخبل بيت فيه عتيق من الخيل»، وهذا الحديث منكر لا يصح إسناده ولا متنه، وقال مقاتل بن حيان وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هم المنافقون، وهذا أشبه الأقوال، ويشهد له قوله تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التوبة: ١٠١].

وقوله ﴿وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾ أي مهما أنفقتم في الجهاد، فإنه يوفى إليكم على التمام والكمال، ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (٢):

أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل الله إلى سبعمائة ضعف، كما تقدم في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦١] وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي، حدثنا أبي عن أبيه، حدثنا الأشعث بن إسحاق، عن جعفر عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي ، أنه كان يأمر أن لا يتصدق إلا على أهل الإسلام، حتى نزلت ﴿وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ فأمر بالصدقة بعدها، على كل من سألك من كل دين، وهذا أيضا غريب.

[[سورة الأنفال (٨): الآيات ٦١ إلى ٦٣]]

﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣)


(١) أخرجه البخاري في الجهاد باب ٤٤، والخمس باب ٨، ومسلم في الإمارة حديث ٩٨، ٩٩.
(٢) كتاب الجهاد باب ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>