للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أريد أهون من هذا يا رسول الله قال السماحة: والصبر. قال: أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال: «لا تتهم الله في شيء قضى لك به» لم يخرجوه.

وقوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ أمر بطاعة الله ورسوله فيما شرع وفعل ما به أمر وترك ما عنه نهى وزجر، ثم قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ أي إن نكلتم عن العمل فإنما عليه ما حمل من البلاغ وعليكم ما حملتم من السمع والطاعة قال الزهري: من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم.

ثم قال تعالى مخبرا أنه الأحد الصمد الذي لا إله غيره فقال تعالى: ﴿اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ فالأول خبر عن التوحيد ومعناه معنى الطلب أي وحدوا الإلهية له وأخلصوها لديه وتوكلوا عليه، كما قال تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾ [المزمل: ٩].

[[سورة التغابن (٦٤): الآيات ١٤ إلى ١٨]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ وَاِسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)

يقول تعالى مخبرا عن الأزواج والأولاد أن منهم من هو عدو الزوج والوالد بمعنى أنه يلتهي به عن العمل الصالح كقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾ [المنافقون: ٩] ولهذا قال تعالى هاهنا:

﴿فَاحْذَرُوهُمْ﴾ قال ابن زيد: يعني على دينكم، وقال مجاهد ﴿إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ﴾ قال: يحمل الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا الفريابي، حدثنا إسرائيل حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس وسأله رجل عن هذه الآية ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ قال: فهؤلاء رجال أسلموا من مكة فأرادوا أن يأتوا رسول الله فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم، فلما أتوا رسول الله رأوا الناس قد فقهوا في الدين فهموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٢) وكذا رواه الترمذي عن محمد بن يحيى عن


(١) انظر تفسير الطبري ١٢/ ١١٧.
(٢) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ٦٤، باب ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>