للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» الحديث بتمامه رواه الإمام أحمد وأهل السنن وغيرهم.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٧٩]]

﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٧٩)

يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ﴾ أي خلقنا وجعلنا لجهنم ﴿كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ أي هيأناهم لها وبعمل أهلها يعملون، فإنه تعالى لما أراد أن يخلق الخلق علم ما هم عاملون قبل كونهم فكتب ذلك عنده في كتاب قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ورد في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال «إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» (١).

وفي صحيح مسلم أيضا: من حديث عائشة بنت طلحة عن خالتها عائشة أم المؤمنين أنها قالت: دعي النبي إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت: يا رسول الله طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه، فقال رسول الله «أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم» (٢).

وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود: «ثم يبعث الله إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد» (٣) وتقدم أن الله لما استخرج ذرية آدم من صلبه وجعلهم فريقين أصحاب اليمين وأصحاب الشمال قال «هؤلاء للجنة ولا أبالي، وهؤلاء للنار ولا أبالي» (٤) والأحاديث في هذا كثيرة ومسألة القدر كبيرة ليس هذا موضع بسطها.

وقوله تعالى: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها﴾ يعني ليس ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سببا للهداية، كما قال تعالى:

﴿وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ﴾ [الأحقاف: ٢٦] الآية، وقال تعالى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨] هذا في حق المنافقين.

وقال في حق الكافرين ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٧١] ولم يكونوا صما


(١) أخرجه مسلم في القدر حديث ١٦، وأبو داود في فضائل القرآن باب ٤، ٢٠، والترمذي في القدر باب ١٨، وأحمد في المسند ١/ ٣٩٢، ٣٩٣، ٤٣٢.
(٢) أخرجه مسلم في القدر حديث ٣٠، ٣١.
(٣) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٢٨، ومسلم في القدر حديث ١، ٤.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>