للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقديره فستعلم ويعلمون أو فستخبر ويخبرون بأيكم المفتون، والله أعلم. ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ أي هو يعلم تعالى أي الفريقين منكم ومنهم هو المهتدي، ويعلم الحزب الضال عن الحق.

[[سورة القلم (٦٨): الآيات ٨ إلى ١٦]]

﴿فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)

يقول تعالى كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم والخلق العظيم ﴿فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ قال ابن عباس: لو ترخص لهم فيرخصون. وقال مجاهد ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ﴾ تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق (١). ثم قال تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ﴾ وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بإيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى واستعمالها في كل وقت في غير محلها، قال ابن عباس: المهين الكاذب، وقال مجاهد: هو الضعيف القلب، قال الحسن: كل حلاف مكابر مهين ضعيف.

وقوله تعالى: ﴿هَمّازٍ﴾ قال ابن عباس وقتادة: يعني الاغتياب ﴿مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ يعني الذي يمشي بين الناس ويحرش بينهم وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة، وقد ثبت في الصحيحين من حديث مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال: مر رسول الله بقبرين فقال «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» (٢) الحديث. وأخرجه بقية الجماعة في كتبهم من طرق عن مجاهد به.

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن همام أن حذيفة قال: سمعت رسول الله يقول: «لا يدخل الجنة قتات» (٤) رواه الجماعة إلا ابن ماجة من طرق عن إبراهيم به، وحدثنا عبد الرزاق، حدثنا الثوري عن منصور عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال: سمعت رسول الله يقول: «لا يدخل الجنة قتات» يعني نماما (٥)، وحدثني يحيى بن سعيد القطان، حدثنا أبو سعيد الأحول عن الأعمش، حدثني إبراهيم منذ نحو ستين سنة عن همام بن الحارث قال: مر رجل على حذيفة، فقيل إن هذا يرفع الحديث إلى الأمراء،


(١) تفسير الطبري ٢/ ١٨٢.
(٢) أخرجه البخاري في الوضوء باب ٥٥، ومسلم في الطهارة حديث ١١١.
(٣) المسند ٥/ ٣٨٢، ٣٨٩، ٣٩١، ٣٩٧، ٤٠٢، ٤٠٤.
(٤) أخرجه البخاري في الأدب باب ٥٠، ومسلم في الإيمان حديث ١٦٩، ١٧٠، وأبو داود في الأدب باب ٣٣، والترمذي في البر باب ٧٩.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>