للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا يعتقدون أنهم على الضلالة وهم المؤمنون في زعمهم قالوا ما لنا لا نراهم معنا في النار.

قال مجاهد: هذا قول أبي جهل يقول ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وفلانا وفلانا وهذا ضرب مثل وإلا فكل الكفار هذا حالهم يعتقدون أن المؤمنين يدخلون النار، فلما دخل الكفار النار افتقدوهم فلم يجدوهم فقالوا ﴿ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا﴾ أي في الدار الدنيا ﴿أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ﴾ يسألون أنفسهم بالمحال يقولون أو لعلهم معنا في جهنم ولكن لم يقع بصرنا عليهم، فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات وهو قوله ﷿: ﴿وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ﴾ -إلى قوله- ﴿اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف: ٤٤ - ٤٩] وقوله تعالى: ﴿إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ﴾ أي إن هذا الذي أخبرناك به يا محمد من تخاصم أهل النار بعضهم في بعض ولعن بعضهم لبعض لحق لا مرية فيه ولا شك.

[[سورة ص (٣٨): الآيات ٦٥ إلى ٧٠]]

﴿قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠)

يقول تعالى آمرا رسوله أن يقول للكفار بالله المشركين به المكذبين لرسوله إنما أنا منذر لست كما تزعمون ﴿وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ﴾ أي هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه ﴿رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا﴾ أي هو مالك جميع ذلك ومتصرف فيه ﴿الْعَزِيزُ الْغَفّارُ﴾ أي غفار مع عظمته وعزته ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾ أي خبر عظيم وشأن بليغ وهو إرسال الله تعالى إياي إليكم ﴿أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ أي غافلون، قال مجاهد وشريح القاضي والسدي في قوله ﷿: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾ يعني القرآن.

وقوله تعالى: ﴿ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ أي لولا الوحي من أين كنت أدري باختلاف الملأ الأعلى؟ يعني في شأن آدم وامتناع إبليس من السجود له ومحاجته ربه في تفضيله عليه. فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١) حيث قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا جهضم اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن أبي سلام عن أبي سلام عن عبد الرحمن بن عائش عن مالك بن يخامر عن معاذ قال: احتبس علينا رسول الله ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى قرن الشمس فخرج سريعا فثوب (٢) بالصلاة فصلى


(١) المسند ٥/ ٢٤٣.
(٢) التثويب: إقامة الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>