للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي بالأسارى يَوْمَ بَدْرٍ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أَيْ عَلِيمٌ بفعله حَكِيمٌ فِيهِ. قَالَ قَتَادَةُ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْكَاتِبِ حِينَ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ «١» ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ حِينَ قَالُوا:

لَنَنْصَحَنَّ لَكَ عَلَى قَوْمِنَا «٢» وَفَسَّرَهَا السُّدِّيُّ عَلَى الْعُمُومِ وَهُوَ أشمل وأظهر والله أعلم.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٧٢]]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٧٢)

ذَكَرَ تَعَالَى أَصْنَافَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَسَمَهُمْ إِلَى مُهَاجِرِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَجَاءُوا لِنَصْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ وَبَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَإِلَى أَنْصَارٍ وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِذْ ذَاكَ آوَوْا إِخْوَانَهُمُ الْمُهَاجِرِينَ فِي مَنَازِلِهِمْ وَوَاسَوْهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَنَصَرُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِالْقِتَالِ مَعَهُمْ فَهَؤُلَاءِ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ أَحَقُّ بِالْآخَرِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلِهَذَا آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ كُلُّ اثْنَيْنِ أَخَوَانِ فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ إِرْثًا مُقَدَّمًا عَلَى الْقَرَابَةِ حَتَّى نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِالْمَوَارِيثِ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ الْعَوْفِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عنه، وقال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغير واحد:

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٣» : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ جَرِيرٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» تَفَرَّدَ بِهِ أحمد.

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا سفيان حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيَّ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: «الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، وَالطُّلَقَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْعُتَقَاءُ مِنْ ثَقِيفَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» هَكَذَا رَوَاهُ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ:

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ [التوبة: ١٠٠] الآية، وَقَالَ لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ [التوبة: ١١٧]


(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ٢٩٣. [.....]
(٢) انظر تفسير الطبري ٦/ ٢٩٣.
(٣) المسند ٤/ ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>