للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد فيه الحديث المرفوع الذي رواه عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل في مسند أبيه حيث قال حدثني يحيى بن عبد الله مولى بني هاشم، حدثنا محمد بن أبان الجعفي عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، عن أبي بن كعب عن النبي في قوله تعالى:

﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللهِ﴾ قال: بنعم الله (١)، ورواه ابن جرير (٢) وابن أبي حاتم من حديث محمد بن أبان به، ورواه عبد الله ابنه أيضا موقوفا وهو أشبه.

وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ﴾ أي إن فيما صنعنا بأوليائنا بني إسرائيل حين أنقذناهم من يد فرعون وأنجيناهم مما كانوا فيه من العذاب المهين لعبرة لكل صبار، أي في الضراء شكور أي في السراء، كما قال قتادة: نعم العبد عبد إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر (٣). وكذا جاء في الصحيح عن رسول الله أنه قال: «إن أمر المؤمن كله عجب، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له» (٤).

[[سورة إبراهيم (١٤): الآيات ٦ إلى ٨]]

﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)

يقول تعالى مخبرا عن موسى حين ذكر قومه بأيام الله عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاهم من آل فرعون، وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حيث كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم، فأنقذهم الله من ذلك، وهذه نعمة عظيمة، ولهذا قال: ﴿وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ أي نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك، أنتم عاجزون عن القيام بشكرها وقيل: وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل ﴿بَلاءٌ﴾ أي اختبار عظيم، ويحتمل أن يكون المراد هذا وهذا، والله أعلم، كقوله تعالى: ﴿وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨]. وقوله: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ أي آذنكم وأعلمكم بوعده لكم، ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه، كقوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ﴾ [الأعراف: ١٦٢].

وقوله: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها،


(١) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ١٢٢.
(٢) تفسير الطبري ٧/ ٤١٨.
(٣) انظر تفسير الطبري ٧/ ٤١٨.
(٤) أخرجه مسلم في الزهد حديث ٦٤، وأحمد في المسند ٤/ ٣٣٢، ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>