للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة المسافر أو قريبا منها، فلما سلم قال: يرحمك الله أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أم شيء تنفلته؟ قال: إنها المكتوبة وإنها صلاة رسول الله ما أخطأت إلا شيئا سهوت عنه، إن رسول الله كان يقول: «لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم» ثم غدوا من الغد فقالوا: نركب فننظر ونعتبر، قال: نعم فركبوا جميعا فإذا هم بديار قفر قد باد أهلها وانقرضوا وفنوا خاوية على عروشها، فقالوا: أتعرف هذه الديار؟ قال: ما أعرفني بها وبأهلها هؤلاء أهل الديار أهلكهم البغي والحسد، إن الحسد يطفئ نور الحسنات والبغي يصدق ذلك أو يكذبه، والعين تزني والكف تزني والقدم والجسد واللسان والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا يعمر، حدثنا عبد الله أخبرنا سفيان عن زيد العمي عن أبي إياس، عن أنس بن مالك أن النبي قال: «لكل نبي رهبانية ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله ﷿» ورواه الحافظ أبو يعلى عن عبد الله بن محمد ابن أسماء عن عبد الله بن المبارك به ولفظه «لكل أمة رهبانية ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله».

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا حسين-هو ابن محمد-حدثنا ابن عياش يعني إسماعيل عن الحجاج بن مروان الكلاعي وعقيل بن مدرك السلمي، عن أبي سعيد الخدري أن رجلا جاءه فقال: أوصني، فقال: سألت عما سألت عنه رسول الله من قبلك أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض. تفرد به أحمد، والله أعلم.

[[سورة الحديد (٥٧): الآيات ٢٨ إلى ٢٩]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)

قد تقدم في رواية النسائي عن ابن عباس أنه حمل هذه الآية على مؤمني أهل الكتاب وأنهم يؤتون أجرهم مرتين كما في الآية التي في القصص وكما في حديث الشعبي عن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله : «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي فله أجران، وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه فله أجران، ورجل أدب أمته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران» (٣) أخرجاه في الصحيحين


(١) المسند ٣/ ٢٦٦.
(٢) المسند ٣/ ٨٢.
(٣) أخرجه البخاري في العلم باب ٣١، ومسلم في الإيمان حديث ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>