﴿أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ [الملك: ١٦ - ١٧] وفي الحديث «ليكونن في هذه الأمة قذف وخسف ومسخ» وذلك مذكور مع نظائره في أمارات الساعة وأشراطها، وظهور الآيات قبل يوم القيامة، وستأتي في موضعها إن شاء الله تعالى.
وقوله ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً﴾ يعني يجعلكم ملتبسين شيعا فرقا متخالفين. قال الوالبي عن ابن عباس: يعني الأهواء، وكذا قال مجاهد وغير واحد، وقد ورد في الحديث المروي من طرق عنه ﷺ أنه قال «وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة».
وقوله تعالى: ﴿وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ قال ابن عباس وغير واحد: يعني يسلط بعضكم على بعض بالعذاب والقتل. وقوله تعالى: ﴿اُنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ﴾ أي نبينها ونوضحها مرة ونفسرها، ﴿لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ أي يفهمون ويتدبرون عن الله آياته وحججه وبراهينه.
قال زيد بن أسلم: لما نزلت ﴿قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ الآية، قال رسول الله ﷺ«لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف» قالوا ونحن ونشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال «نعم» فقال بعضهم: لا يكون هذا أبدا أن يقتل بعضنا بعضا ونحن مسلمون، فنزلت ﴿اُنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.
يقول تعالى: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ﴾ أي بالقرآن الذي جئتهم به، والهدى والبيان، ﴿قَوْمُكَ﴾ يعني قريشا ﴿وَهُوَ الْحَقُّ﴾ أي الذي ليس وراءه حق ﴿قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ أي لست عليكم بحفيظ، ولست بموكل بكم، كقوله ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩] أي إنما عليّ البلاغ، وعليكم السمع والطاعة، فمن اتبعني سعد في الدنيا والآخرة، ومن خالفني فقد شقي في الدنيا والآخرة، ولهذا قال ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾ قال ابن عباس وغير واحد: أي لكل نبأ حقيقة، أي لكل خبر وقوع، ولو بعد حين، كما قال ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص: ٨٨] وقال ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ﴾ [الرعد: ٣٧] وهذا تهديد ووعيد أكيد، ولهذا قال بعده ﴿وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾.