للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها﴾ قالوا: هي دفع إصابة العين لهم ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ﴾ قال قتادة والثوري: لذو عمل بعلمه. وقال ابن جرير (١): لذو علم لتعليمنا إياه ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾.

[[سورة يوسف (١٢): آية ٦٩]]

﴿وَلَمّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩)

يخبر تعالى عن إخوة يوسف لما قدموا على يوسف ومعهم أخوه شقيقه بنيامين، وأدخلهم دار كرامته ومنزل ضيافته، وأفاض عليهم الصلة والألطاف والإحسان، واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه وما جرى له، وعرفه أنه أخوه، وقال له: لا تبتئس، أي لا تأسف على ما صنعوا بي، وأمره بكتمان ذلك عنهم، وأن لا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه، وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده معززا مكرّما معظما.

[[سورة يوسف (١٢): الآيات ٧٠ إلى ٧٢]]

﴿فَلَمّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ (٧١) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢)

لما جهزهم وحمل لهم أبعرتهم طعاما، أمر بعض فتيانه أن يضع السقاية، وهي إناء من فضة في قول الأكثرين، وقيل: من ذهب، قال ابن زيد، كان يشرب فيه، ويكيل للناس به من عزة الطعام إذ ذاك، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وعبد الرحمن بن زيد.

وقال شعبة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: صواع الملك، قال: كان من فضة يشربون فيه، وكان مثل المكوك (٢)، وكان للعباس مثله في الجاهلية، فوضعها في متاع بنيامين من حيث لا يشعر أحد، ثم نادى مناد بينهم ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ﴾ فالتفتوا إلى المنادي وقالوا ﴿ماذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ﴾ أي صاعه الذي يكيل به ﴿وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾ وهذا من باب الجعالة (٣)، ﴿وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ وهذا من باب الضمان والكفالة.

[[سورة يوسف (١٢): الآيات ٧٣ إلى ٧٦]]

﴿قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنّا سارِقِينَ (٧٣) قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ (٧٥) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اِسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)


(١) تفسير الطبري ٧/ ٢٥٠.
(٢) المكوك: الصاع.
(٣) الجعالة: الأجر على الشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>