للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكَذَا رَوَى الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها أنها نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو عِيَاضٍ وَمَكْحُولٌ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ ابْنِ عَيَّاشٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: كَانَ أعرابي مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِذَا سَلَّمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا إِبِلًا وَوَلَدًا» قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها.

[قَوْلٌ آخَرُ] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي التَّشَهُّدِ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها، وَبِهِ قَالَ حَفْصٌ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ مِثْلَهُ.

[قَوْلٌ آخَرُ] : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قال: لا تصل مراءاة للناس وَلَا تَدَعَهَا مَخَافَةَ النَّاسِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قَالَ: لَا تُحْسِنْ عَلَانِيَتَهَا وَتُسِيءَ سَرِيرَتَهَا، وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْحَسَنِ بِهِ، وَهُشَيْمٌ عَنْ عَوْفٍ عَنْهُ بِهِ، وَسَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ كَذَلِكَ.

[قَوْلٌ آخَرُ] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ: وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا قَالَ: أَهْلُ الْكِتَابِ يُخَافِتُونَ ثُمَّ يَجْهَرُ أَحَدُهُمْ بِالْحَرْفِ، فَيَصِيحُ بِهِ وَيَصِيحُونَ هُمْ بِهِ وَرَاءَهُ، فَنَهَاهُ أَنْ يَصِيحَ كَمَا يَصِيحُ هَؤُلَاءِ، وَأَنْ يُخَافِتَ كَمَا يُخَافِتُ الْقَوْمُ، ثُمَّ كَانَ السَّبِيلُ الَّذِي بَيْنَ ذَلِكَ الَّذِي سَنَّ لَهُ جِبْرِيلُ مِنَ الصَّلَاةِ.

وَقَوْلُهُ: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً لَمَّا أَثْبَتَ تَعَالَى لِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنِ النقائض فَقَالَ: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ أي ليس بدليل فيحتاج إلى أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَزِيرٌ أَوْ مشير، بل هو تعالى خالق الأشياء وحده لا شريك له، ومدبرها ومقدرها وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ لم يحالف أحدا ولم يبتغ نَصْرَ أَحَدٍ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً أَيْ عَظِّمْهُ وَأَجِلَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ الْمُعْتَدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنِ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً الْآيَةَ، قَالَ إِنَّ اليهود والنصارى يقولون اتخذ الله ولدا، وقالت العرب: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ وَقَالَ الصَّابِئُونَ وَالْمَجُوسُ: لَوْلَا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ لَذَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآية وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ


(١) تفسير الطبري ٨/ ١٧٠.
(٢) تفسير الطبري ٨/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>