للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي بما كنتم تكذبون به، فذوقوا اليوم مسه ﴿أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ﴾ [الطور: ١٥].

[[سورة الأنعام (٦): الآيات ٣١ إلى ٣٢]]

﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتّى إِذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢)

يقول تعالى مخبرا عن خسارة من كذب بلقائه، وعن خيبته إذا جاءته الساعة بغتة، وعن ندامته على ما فرط من العمل، وما أسلف من قبيح الفعل، ولهذا قال ﴿حَتّى إِذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها﴾ وهذا الضمير يحتمل عوده على الحياة، وعلى الأعمال وعلى الدار الآخرة، أي في أمرها.

وقوله ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ أي يحملون، وقال قتادة يعملون، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس، عن أبي مرزوق، قال: يستقبل الكافر أو الفاجر عند خروجه من قبره، كأقبح صورة رأيتها، وأنتنه ريحا، فيقول من أنت؟ فيقول أو ما تعرفني، فيقول: لا والله، إلا أن الله قبح وجهك، وأنتن ريحك، فيقول: أنا عملك الخبيث، هكذا كنت في الدنيا خبيث العمل منتنه، فطالما ركبتني في الدنيا هلم أركبك، فهو قوله ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ﴾ الآية.

وقال أسباط عن السدي أنه قال: ليس من رجل ظالم يدخل قبره، إلا جاءه رجل قبيح الوجه، أسود اللون، منتن الريح، وعليه ثياب دنسة، حتى يدخل معه قبره، فإذا رآه قال:

ما أقبح وجهك؟ قال: كذلك كان عملك قبيحا، قال: ما أنتن ريحك؟ قال: كذلك كان عملك منتنا، قال: ما أدنس ثيابك؟ قال: فيقول: إن عملك كان دنسا، قال له: من أنت؟ قال: عملك، قال: فيكون معه في قبره، فإذا بعث يوم القيامة قال له: إني كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات، وأنت اليوم تحملني، قال: فيركب على ظهره، فيسوقه حتى يدخله النار، فذلك قوله ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ (١).

وقوله ﴿وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ أي إنما غالبها كذلك ﴿وَلَلدّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾.


(١) تفسير الطبري ٥/ ١٧٨ - ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>