للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم، فإسناده لا يثبت، وهو مخالف لما في الصحيح، ولو صح لحمل على أنه أشتهر اسمه بذلك يومئذ، والله أعلم.

وقوله إخبارا عن أم مريم أنها قالت ﴿وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾ أي عوذتها بالله ﷿ من شر الشيطان، وعوذت ذريتها وهو ولدها عيسى ، فاستجاب الله لها ذلك، كما قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله «ما من مولود يولد إلا مسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخا من مسه إياه، إلا مريم وابنها» ثم يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم ﴿وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾، أخرجاه من حديث عبد الرزاق.

ورواه ابن جرير (١) عن أحمد بن الفرج، عن بقية، عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي بنحوه، وروى (٢) من حديث قيس، عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله «ما من مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين، إلا عيسى ابن مريم ومريم» ثم قرأ رسول الله ﴿وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾ ومن حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، ورواه مسلم عن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة. ورواه ابن وهب أيضا، عن ابن أبي ذئب، عن عجلان مولى المشمعلّ، عن أبي هريرة. ورواه محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة، عن النبي بأصل الحديث. وهكذا رواه الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله «كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين تلده أمه إلا عيسى ابن مريم، ذهب يطعن، فطعن بالحجاب» (٣).

[[سورة آل عمران (٣): آية ٣٧]]

﴿فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٧)

يخبر ربنا أنه تقبلها من أمها نذيرة، وأنه ﴿أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً﴾، أي جعلها شكلا مليحا ومنظرا بهيجا، ويسر لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده تتعلم منهم العلم والخير والدين، فلهذا قال ﴿وَكَفَّلَها زَكَرِيّا﴾ وفي قراءة: ﴿وَكَفَّلَها زَكَرِيّا﴾ بتشديد الفاء، ونصب زكريا على المفعولية، أي جعله كافلا لها. قال ابن إسحاق: وما ذلك إلا أنها كانت يتيمة.

وذكر غيره: أن بني إسرائيل أصابتهم سنة جدب، فكفل زكريا مريم لذلك، ولا منافاة بين


(١) تفسير الطبري ٣/ ٢٤٠.
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٢٣٩.
(٣) انظر تفسير الطبري ٣/ ٢٣٨ - ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>