للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر» (١) وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث كثير بن قيس، ومنهم من يقول قيس بن كثير عن أبي الدرداء وقد ذكرنا طرقه واختلاف الرواة فيه في شرح كتاب العلم من صحيح البخاري، ولله الحمد والمنة.

وقد تقدم في أول سورة طه حديث ثعلبة بن الحكم ، عن رسول الله قال:

«يقول الله تعالى يوم القيامة للعلماء: إني لم أضع علمي وحكمتي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي».

[[سورة فاطر (٣٥): الآيات ٣٣ إلى ٣٥]]

﴿جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (٣٥)

يخبر تعالى أن مأوى هؤلاء المصطفين من عباده الذين أورثوا الكتاب المنزل من رب العالمين يوم القيامة، مأواهم جنات عدن، أي جنات الإقامة يدخلونها يوم معادهم وقدومهم على الله ﷿ ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً﴾ كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة ، عن رسول الله : أنه قال «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» (٢). ﴿وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ﴾ ولهذا كان محظورا عليهم في الدنيا، فأباحه الله تعالى لهم في الآخرة، وثبت في الصحيح أن رسول الله قال: «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» (٣) وقال «هي لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة».

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرو بن سواد السرحي، أخبرنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن الحسن عن أبي هريرة قال: إن أبا أمامة حدث أن رسول الله حدثهم، وذكر حلي أهل الجنة فقال «مسورون بالذهب والفضة مكللة بالدر، وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة، وعليهم تاج كتاج الملوك، شباب جرد مرد مكحولون» ﴿وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ وهو الخوف من المحذور، أزاحه عنا وأرحنا مما كنا نتخوفه ونحذره من هموم الدنيا والآخرة. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم


(١) أخرجه أبو داود في العلم باب ١، والترمذي في العلم باب ١٩، وابن ماجة في المقدمة باب ١٧، والدارمي في المقدمة باب ٣٢.
(٢) أخرجه مسلم في الطهارة حديث ٤٠، والنسائي في الطهارة باب ١٠٩، وأحمد في المسند ٢/ ٢٣٢، ٣٧١.
(٣) أخرجه البخاري في اللباس باب ٢٥، ومسلم في اللباس حديث ١١، ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>