للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: ﴿فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ قال: هي لأهل بدونا ومقتصدنا أهل حضرنا، وسابقنا أهل الجهاد، رواه ابن أبي حاتم.

وقال عوف الأعرابي: حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: حدثنا كعب الأحبار رحمة الله عليه، قال: إن الظالم لنفسه من هذه الأمة والمقتصد والسابق بالخيرات كلهم في الجنة، ألم تر أن الله تعالى قال: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها﴾ -إلى قوله ﷿ ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ﴾ قال: فهؤلاء أهل النار، رواه ابن جرير من طرق عن عوف به ثم قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، أخبرنا حميد عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه قال: إن ابن عباس سأل كعبا عن قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا﴾ -إلى قوله: ﴿بِإِذْنِ اللهِ﴾ قال: تماست مناكبهم ورب كعب، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.

ثم قال ابن جرير (١): حدثنا ابن حميد، حدثنا الحكم بن بشير، حدثنا عمرو بن قيس عن أبي إسحاق السبيعي في هذه الآية ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا﴾ الآية، قال أبو إسحاق: أما ما سمعت من ذي ستين سنة فكلهم ناج، ثم قال: حدثنا ابن حميد، حدثنا الحكم، حدثنا عمرو عن محمد ابن الحنفية قال: إنها أمة مرحومة، الظالم مغفور له، والمقتصد في الجنان عند الله، والسابق بالخيرات في الدرجات عند الله. ورواه الثوري عن إسماعيل بن سميع عن رجل عن محمد ابن الحنفية بنحوه.

وقال أبو الجارود: سألت محمد بن علي-يعني الباقر- عن قول الله تعالى ﴿فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ فقال: هو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا. فهذا ما تيسر من إيراد الأحاديث والآثار المتعلقة بهذا المقام. وإذا تقرر هذا، فإن الآية عامة في جميع الأقسام الثلاثة في هذه الأمة، فالعلماء أغبط الناس بهذه النعمة، وأولى الناس بهذه الرحمة، فإنهم كما قال الإمام أحمد (٢) حدثنا محمد بن يزيد، حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة عن قيس بن كثير قال: قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء وهو بدمشق، فقال:

ما أقدمك أي أخي؟ قال: حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله ، قال: أما قدمت لتجارة؟ قال: لا، قال: أما قدمت لحاجة؟ قال: لا، قال: أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث؟ قال: نعم. قال : فإني سمعت رسول الله يقول: «من سلك طريقا يطلب فيها علما، سلك الله تعالى به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإنه ليستغفر للعالم من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٤١١.
(٢) المسند ٥/ ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>