للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية كلها يعني طلوع الشمس من مغربها (١). حديث ابن عباس رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه عن ابن عباس مرفوعا فذكر حديثا طويلا غريبا منكرا رفعه، وفيه أن الشمس والقمر يطلعان يومئذ من المغرب مقرونين وإذا انتصفا السماء رجعا ثم عادا إلى ما كانا عليه وهو حديث غريب جدا بل منكر بل موضوع إن ادعي أنه مرفوع، فأما وقفه على ابن عباس أو وهب بن منبه وهو الأشبه فغير مدفوع، والله أعلم.

وقال سفيان عن منصور عن عامر عن عائشة قالت: إذا خرج أول الآيات طرحت [الأقلام] (٢) وحبست الحفظة وشهدت الأجساد على الأعمال رواه ابن جرير (٣) رحمه الله تعالى.

فقوله تعالى: ﴿لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ أي إذا أنشأ الكافر إيمانا يومئذ لا يقبل منه فأما من كان مؤمنا قبل ذلك فإن كان مصلحا في عمله فهو بخير عظيم وإن لم يكن مصلحا فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة وعليه يحمل قوله تعالى: ﴿أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً﴾ أي ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك.

وقوله تعالى: ﴿قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ﴾ تهديد شديد للكافرين ووعيد أكيد لمن سوف بإيمانه وتوبته إلى وقت لا ينفعه ذلك وإنما كان هذا الحكم عند طلوع الشمس من مغربها لاقتراب الساعة وظهور أشراطها كما قال ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ﴾ [محمد: ١٨] وقوله تعالى: ﴿فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا﴾ [غافر: ٨٤ - ٨٥] الآية.

[[سورة الأنعام (٦): آية ١٥٩]]

﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩)

قال مجاهد وقتادة والضحاك والسدي نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى وقال العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً﴾ وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا قبل مبعث محمد فتفرقوا فلما بعث محمد أنزل الله عليه ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ الآية.


(١) تفسير الطبري ٥/ ٤٠٩.
(٢) الزيادة من الطبري.
(٣) تفسير الطبري ٥/ ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>