للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي أرجو منه كل خير، وعن ابن عباس ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ يعني رؤيا يوسف أنها صدق، وأن الله لا بد أن يظهرها، وقال العوفي عنه في الآية: أعلم أن رؤيا يوسف صادقة وأني سوف أسجد له (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية عن حفص بن عمر بن أبي الزبير، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «كان ليعقوب النبي أخ مؤاخ له، فقال له ذات يوم: ما الذي أذهب بصرك، وقوس ظهرك؟ قال: أما الذي أذهب بصري فالبكاء على يوسف، وأما الذي قوس ظهري فالحزن على بنيامين، فأتاه جبريل فقال: يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ويقول لك: أما تستحي أن تشكوني إلى غيري؟ فقال يعقوب: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، فقال جبريل : «الله أعلم بما تشكو» وهذا حديث غريب فيه نكارة.

[[سورة يوسف (١٢): الآيات ٨٧ إلى ٨٨]]

﴿يا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (٨٧) فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨)

يقول تعالى مخبرا عن يعقوب : إنه ندب بنيه على الذهاب في الأرض يستعلمون أخبار يوسف وأخيه بنيامين، والتحسس يكون في الخير، والتجسس يكون في الشر، ونهضهم وبشرهم وأمرهم أن لا ييأسوا من روح الله أي لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرومونه ويقصدونه، فإنه لا يقطع الرجاء ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

وقوله ﴿فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ تقدير الكلام: فذهبوا فدخلوا مصر، ودخلوا على يوسف ﴿قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ﴾ يعنون من الجدب والقحط وقلة الطعام، ﴿وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ﴾ أي ومعنا ثمن الطعام الذي نمتاره، وهو ثمن قليل، قاله مجاهد والحسن وغير واحد. وقال ابن عباس: الرديء لا ينفق مثل خلق (٢) الغرارة والحبل والشيء، وفي رواية عنه:

الدراهم الرديئة التي لا تجوز إلا بنقصان، وكذا قال قتادة والسدي. وقال سعيد بن جبير: هي الدراهم الفسول (٣). وقال أبو صالح: هو الصنوبر وحبة الخضراء، وقال الضحاك: كاسدة لا تنفق. وقال أبو صالح: جاءوا بحب البطم الأخضر والصنوبر، وأصل الإخاء الإزجاء


(١) انظر تفسير الطبري ٧/ ٢٨١.
(٢) الخلق: البالي.
(٣) الفسول: جمع فسل: هو الرديء من كل شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>