﴿وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً﴾ أي يود الكافر يومئذ أنه كان في الدار الدنيا ترابا، ولم يكن خلق ولا خرج إلى الوجود، وذلك حين عاين عذاب الله ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سطرت عليه بأيدي الملائكة السفرة الكرام البررة، وقيل إنما يود ذلك حين يحكم الله بين الحيوانات التي كانت في الدنيا فيفصل بينها بحكمه العدل الذي لا يجور، حتى أنه ليقتص للشاة الجماء من القرناء فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني ترابا فتصير ترابا فعند ذلك يقول الكافر ﴿يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً﴾ أي كنت حيوانا فأرجع إلى التراب، وقد ورد معنى هذا في حديث الصور المشهور، وورد فيه آثار عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وغيرهما.
آخر تفسير سورة النبأ. ولله الحمد والمنة. وبه التوفيق والعصمة.
قال ابن مسعود وابن عباس ومسروق وسعيد بن جبير وأبو صالح وأبو الضحى والسدي ﴿وَالنّازِعاتِ غَرْقاً﴾ الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم، فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها، ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط وهو قوله:
﴿وَالنّاشِطاتِ نَشْطاً﴾ قاله ابن عباس، وعن ابن عباس ﴿وَالنّازِعاتِ﴾ هي أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم تغرق في النار رواه ابن أبي حاتم وقال مجاهد ﴿وَالنّازِعاتِ غَرْقاً﴾ الموت، وقال الحسن وقتادة ﴿وَالنّازِعاتِ غَرْقاً وَالنّاشِطاتِ نَشْطاً﴾ هي النجوم.
وقال عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى: ﴿وَالنّازِعاتِ﴾ ﴿وَالنّاشِطاتِ﴾ هي القسي في القتال والصحيح الأول وعليه الأكثرون. وأما قوله تعالى: ﴿وَالسّابِحاتِ سَبْحاً﴾ فقال ابن مسعود: هي الملائكة، وروي عن علي ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح مثل ذلك، وعن مجاهد ﴿وَالسّابِحاتِ سَبْحاً﴾ الموت، وقال قتادة: هي النجوم، وقال عطاء بن أبي رباح، هي السفن.