للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحدها] ما رواه العوفي عن ابن عباس أنهم أرواح بني أدم [الثاني] هم بنو آدم قاله الحسن وقتادة. وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتمه [الثالث] أنهم خلق من خلق الله على صور بني آدم وليسوا بملائكة ولا ببشر، وهم يأكلون ويشربون، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو صالح والأعمش [الرابع] هو جبريل قاله الشعبي وسعيد بن جبير والضحاك، ويستشهد لهذا القول بقوله ﷿: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٤] وقال مقاتل بن حيان: الروح هو أشرف الملائكة وأقرب إلى الرب ﷿ وصاحب الوحي.

[الخامس] أنه القرآن، قاله ابن زيد كقوله: ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا﴾ [الشورى:٥٢] الآية. [والسادس] أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ﴾ قال: هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقا.

وقال ابن جرير (١): حدثني محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا رواد بن الجراح عن أبي حمزة عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود قال: الروح في السماء الرابعة هو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفا وحده وهذا قول غريب جدا.

وقد قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله بن عرس المصري، حدثنا وهب الله بن روق بن هبيرة، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، حدثني عطاء عن عبد الله بن عباس:

سمعت رسول الله يقول: «إن لله ملكا لو قيل له التقم السموات السبع والأرضين بلقمة واحدة لفعل. تسبيحه سبحانك حيث كنت» وهذا حديث غريب جدا، وفي رفعه نظر، وقد يكون موقوفا على ابن عباس، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات، والله أعلم. وتوقف ابن جرير فلم يقطع بواحد من هذه الأقوال كلها والأشبه عندي والله أعلم أنهم بنو آدم.

وقوله تعالى: ﴿إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ﴾ كقوله: ﴿لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ﴾ [هود: ١٠٥] وكما ثبت في الصحيح «ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل» (٢) وقوله تعالى: ﴿وَقالَ صَواباً﴾ أي حقا ومن الحق لا إله إلا الله كما قاله أبو صالح وعكرمة، وقوله تعالى: ﴿ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ﴾ أي الكائن لا محالة ﴿فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً﴾ أي مرجعا طريقا يهتدي إليه ومنهجا يمر به عليه.

وقوله تعالى: ﴿إِنّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً﴾ يعني يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبا لأن كل ما هو آت آت ﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ﴾ أي يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرها.

قديمها وحديثها كقوله تعالى: ﴿وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً﴾ [الكهف: ٤٩] وكقوله تعالى: ﴿يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣].


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٤١٥.
(٢) أخرجه البخاري في الأذان باب ١٢٩، والتوحيد باب ٢٤، ومسلم في الإيمان حديث ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>