للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الأنعام (٦): الآيات ٥٠ إلى ٥٤]]

﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١) وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظّالِمِينَ (٥٢) وَكَذلِكَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ (٥٣) وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤)

يقول الله تعالى لرسوله ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ﴾ أي لست أملكها ولا أتصرف فيها ﴿وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ أي ولا أقول لكم إني أعلم الغيب، إنما ذاك من علم الله ﷿، ولا أطلع منه إلا على ما أطلعني عليه، ﴿وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ أي ولا أدعي أني ملك، إنما أنا بشر من البشر، يوحى إليّ من الله ﷿، شرفني بذلك وأنعم عليّ به، ولهذا قال ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ﴾ أي لست أخرج عنه قيد شبر ولا أدنى منه.

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ﴾ أي هل يستوي من اتبع الحق وهدي إليه، ومن ضل عنه فلم ينقد له، ﴿أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ﴾ وهذه كقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ [الرعد: ١٩] وقوله ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ أي وأنذر بهذا القرآن يا محمد ﴿الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٧] الذين ﴿يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ﴾ [الرعد: ٢١] ﴿الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ﴾ أي يوم القيامة ﴿لَيْسَ لَهُمْ﴾ أي يومئذ ﴿مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ أي لا قريب لهم ولا شفيع فيهم، من عذابه إن أراده بهم، ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ أي أنذر هذا اليوم الذي لا حاكم فيه، إلا الله ﷿، ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ فيعملون في هذه الدار، عملا ينجيهم الله به يوم القيامة من عذابه، ويضاعف لهم به الجزيل من ثوابه.

وقوله تعالى: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ أي لا تبعد هؤلاء المتصفين بهذه الصفات عنك، بل اجعلهم جلساءك وأخصاءك كقوله ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ [الكهف: ٢٨] وقوله ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ أي يعبدونه ويسألونه ﴿بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ﴾ قال سعيد بن المسيب ومجاهد والحسن وقتادة: المراد به الصلاة المكتوبة، وهذا كقوله ﴿وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر:٦٠] أي أتقبل منكم. وقوله ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ أي يريدون بذلك العمل وجه الله الكريم، وهم مخلصون فيما هم فيه من العبادات والطاعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>