للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النّارِ﴾ -إلى قوله- ﴿بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨ - ٣٩] وقوله: ﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا﴾ ثم هاهنا لعطف الخبر على الخبر، والمراد أنه تعالى أعلم بمن يستحق من العباد أن يصلى بنار جهنم ويخلد فيها، وبمن يستحق تضعيف العذاب، كما قال في الآية المتقدمة ﴿قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾.

[[سورة مريم (١٩): الآيات ٧١ إلى ٧٢]]

﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢)

قال الإمام أحمد (١): حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا غالب بن سليمان عن كثير بن زياد البرساني عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم:

يدخلونها جميعا، ثم ينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له: إنا اختلفنا في الورود، فقال: يردونها جميعا، وقال سليمان بن مرة: يدخلونها جميعا، وأهوى بإصبعيه إلى أذنيه، وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله يقول «لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم حتى إن للنار ضجيجا من بردهم، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا» غريب ولم يخرجوه.

وقال الحسن بن عرفة: حدثنا مروان بن معاوية عن بكار بن أبي مروان عن خالد بن معدان قال: قال أهل الجنة بعد ما دخلوا الجنة: ألم يعدنا ربنا الورود على النار؟ قال: قد مررتم عليها وهي خامدة (٢)، وقال عبد الرزاق عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: كان عبد الله بن رواحة واضعا رأسه في حجر امرأته، فبكى فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت رأيتك تبكي فبكيت، قال: إني ذكرت قول الله ﷿ ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها﴾ فلا أدري أنجو منها أم لا-وفي رواية، وكان مريضا (٣).

وقال ابن جرير (٤): حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن يمان عن مالك بن مغول عن أبي إسحاق كان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني، ثم يبكي، فقيل له: ما يبكيك يا أبا ميسرة؟ قال: أخبرنا أنا واردوها ولم نخبر أنّا صادرون عنها، وقال عبد الله بن المبارك عن الحسن البصري قال: قال رجل لأخيه: هل أتاك أنك وارد النار؟ قال: نعم، قال: فهل أتاك أنك صادر عنها؟ قال: لا، قال: ففيم الضحك؟ قال: فما رئي ضاحكا حتى لحق بالله (٥).

وقال عبد الرزاق أيضا: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو، أخبرني من سمع ابن عباس يخاصم


(١) المسند ٣/ ٣٢٨، ٣٢٩.
(٢) انظر تفسير الطبري ٨/ ٣٦٤.
(٣) انظر تفسير الطبري ٨/ ٣٦٥.
(٤) تفسير الطبري ٨/ ٣٦٥.
(٥) انظر تفسير الطبري ٨/ ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>