للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب ما قيل فيهم من الكذب، ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ أي عند الله في جنات النعيم، وفيه وعد بأن تكون زوجة رسول الله في الجنة.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن مسلم، حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن عن الحكم إلى يحيى بن الجزار قال: جاء أسير بن جابر إلى عبد الله، فقال: لقد سمعت الوليد بن عقبة تكلم اليوم بكلام أعجبني، فقال عبد الله: إن الرجل المؤمن يكون في قلبه الكلمة الطيبة تتجلجل في صدره ما يستقر حتى يلفظها فيسمعها الرجل عنده يتلها فيضمها إليه وإن الرجل الفاجر يكون في قلبه الكلمة الخبيثة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها فيسمعها الرجل الذي عنده يتلها فيضمها إليه ثم قرأ عبد الله ﴿الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ﴾ الآية، ويشبه هذا ما رواه الإمام أحمد في المسند مرفوعا «مثل هذا الذي يسمع الحكمة ثم لا يحدث إلا بشرّ ما سمع كمثل رجل جاء إلى صاحب غنم فقال اجزرني شاة، فقال: اذهب فخذ بأذن أيها شئت، فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم» (١) وفي الحديث الآخر «الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها» (٢).

[[سورة النور (٢٤): الآيات ٢٧ إلى ٢٩]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ اِرْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٢٩)

هذه آداب شرعية، أدب الله بها عباده المؤمنين وذلك في الاستئذان أمرهم أن لا يدخلوا بيوتا غير بيوتهم حتى يستأنسوا، أي يستأذنوا قبل الدخول، ويسلموا بعده، وينبغي أن يستأذن ثلاث مرات، فإن أذن له وإلا انصرف، كما ثبت في الصحيح أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثا فلم يؤذن له انصرف، ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما رجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي، وإني سمعت النبي يقول «إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف» فقال عمر لتأتيني على هذا ببينة وإلا أوجعتك ضربا، فذهب إلى ملإ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر فقالوا لا يشهد لك إلا أصغرنا فقام معه أبو سعيد الخدري فأخبر عمر بذلك فقال:

ألهاني عنه الصفق بالأسواق (٣).


(١) أخرجه ابن ماجة في الزهد باب ١٥ وأحمد في المسند ٢/ ٣٥٣، ٤٠٥، ٤٠٨.
(٢) أخرجه الترمذي في العلم باب ١٩، وابن ماجة في الزهد باب ١٥.
(٣) أخرجه البخاري في الاستئذان باب ١٣، ومسلم في الآداب حديث ٣٢، ٣٤، ٣٥، ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>